للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في فضله عن المشاركة، والحق تعالى يقول: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " وحسبي من المفاخر أول ليلة من رجب التي تأكد مبتدأ فضلها بالخبر ووجب، وكيف لا وفيها قد حملت آمنة بمن به الأمة من العذاب آمنة، فهي فاتحة الليالي النيرة الزاهرة، وواسطة عقدها بحسن خاتمة النبوة الباهرة، فاكفف عن الجدال وأمسك، ولا تجعل يومك مثل أمسك، وسالم من ليس لك عليه قدرة، فإنه ما هلك امرؤ عرف قدره، وإني أستغفر الله عز وجل، وأسأله الأمن من كل وجل، فبرز إليه النهار بروز الأسد من غابة، وقد استل سيف سطوته من قرابه، وقال ما كل سوداء تمرة، ولا كل صهباء خمرة، فوالذي كساني حلل الحسن والجمال، وخلع علي خلع الفضل والكمال، لأمحون طرة الدجى بغرة الضياء، ولأثبتن ما خصصت به من السنا والسناء، ألست مظهر الهداية والدلالة، وهو مظهر الغواية والضلالة، فكم أظهرت منه عيباً كان غيباً، فابيضت عينه حزناً واشتعل الرأس شيباً، وما ارعوى عن ظلمة ظلمه، ولا رجع إلى الإنصاف في نثره ونظمه، ثم أقبل عليه، وأنشد مشيراً إليه:

يا مشبهاً في فعله لونه ... لم تعد ما أوجبت القسمه

خلقك من خلقك مستخرج ... والظلم مشتق من الظلمه

كيف تزعم أيها العبد الآبق، أنك لي في حلبة الشرف سابق، وقد قال الواحد القهار: " ولا الليل سابق النهار " متى قام على منابر العلا بنو حام، أن جلس أحدهم في ديوان الفخر بين أبناء سام، إن أنت ورب البيت إلا كافر، وبشموس أنوار الشهادة غير ظافر، لو كنت من السعداء لفزت بدار النعيم، ولولا شقاؤك لما شابهت سواد طبقات الجحيم، فكيف جعلت في الفضل حالي دون حالك، وأي فخر لمن وجهه اسود حالك. لقد سمعت أقاويلك التي قدمتها بين يديك، وأتيت بها حجة لك وهي حجة عليك، ولا جرم أن لسان الجاهل مفتاح حتفه، وكم

<<  <   >  >>