للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان يقع لا على شيء منك الفند، لأنك ما تحت الواحد في العدد، فالوهم يصورك وتشير إليك الأفكار، ليعتبر بذلك غيرك من ذوي الأبصار، وقد حملني على ذلك قول من تقدم: ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يتهدم، وكيف لا أناضل المناضل، وأنازل المنازل، وقد أعددت بحمد الله للكفاح أتم عدة وأمضى سلاح، ولكن أحببت أن أوضح لكل واقف على هذا المجال، ما حصل عليه وبسببه هذا الجدال، ليظهر لمتأمله حقيقة الحال، ويعلم أن الرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، فأقول: ملخص ذلك أن الشيخ المذكور، هو مفتي القدس التافلاتي المشهور، ضاقت عليه في بيت المقدس الأحوال، واشتد الضنك عليه بها واستطال، فنزل إلى أسكلة يافا ليقرع باب الفرج وصار يدرج بها مع من درج، فما ترك باباً يتوهم منه حصول رزق حتى عالجه، ولا وجد إنساناً يظن خيره إلا خالطه ومازجه، فلما أعيته المطالب واستحالت عليه المآرب واستدت في وجهه المسالك وتقطعت أحبال ما نصب من الشبائك، ولم يصطد عقعقاً ولا بوما واصبح من كل خير محروما، فعزم على الرجوع بخفي حنين وهو بهمومه أشغل من ذات النحيين وقد كان آلى أن يجيب كل من يستفتيه على وفق ما يرضيه، وأقسم أن لا يرد سائلاً يأتيه ولو ألقاه الجواب في التيه، فسمع إنساناً يذكر حادثة على سبيل المحادثة فسقط عليه سقوط الذباب، ووقع دونه وقوع الغراب، فجعل يفتيه قبل أن يسأله، ويقلب له الأجوبة عساه أن يوافق ما أمله، وكان الرجل عن جميع أجوبته مستغنيا، ولم يكن على حالة من الأحوال مستفتيا، ولكن فهم حاله فرثى إليه، واستطلع مرامه فعطفته الرحمة عليه،

<<  <   >  >>