للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ختمه بترجمة ذاته، فأحببت ذكرها بلفظها لدلالتها على رفيع مقامه وصفاته، فقال رحمه الله تعالى:

لا مزية فتذكر ولا محمدة فتشكر، ولا فضل فيقال، وليست عثرة واحدة فتقال، ولا سيئة واحدة فتغفر، وليس سهم واحد من المعائب يرده من الإغضاء مغفر، ولا طيب خلق ولا جمال، يوضح بيانه بالتفصيل والإجمال، ولا جملة كمالات، ولا محاسن كلمات، يشهد به البادي والحاضر والسامع والناظر، ولا فضائل ولا معارف، تنقدها بيد الإختبار من الأذكياء الصيارف، ولا فواضل ولا أدب ينسل إليه من كل حدب، ولا سماحة بنان وحماسة جنان، ولطافة بيان وعذوبة لسان، يعترف بها كل ماسان، ويقر لها كل إنسان، وتتشنف بسماعها الأذهان، ويرويها فم كل زمان في كل آن. وقد اقترفت الذنوب، وارتكبت العيوب، وغدوت منها ملآن الذنوب، واغترفت الإساءة، واغترفت بالبطالة ورفضت الأصدقا، وجانبت الأودا، وخبطت خبط عشوا، وكنت كخاطب في الليلة الظلما، ووصفت فما أنصفت، وأطلت الكلام وما أفدت، وجنحت للأماني، وتبعت في الأفعال زماني، ونصبت الآمال الكواذب، أشراك الرغبات والمطالب، وجهلت الكريم وعرفت الوضيع، وسامرت الوغد وتركت الرفيع، وجبت الجهل وسلكت حزنه والسهل، وصرفت أوقاتي للإضاعة فقلت البضاعة، وتبعت الأهواء النفسية، وفعلت في أيام شيخوختي أفعال الطفولية، لا أميز الخسيف من الشريف، ولا الربيع من الخريف، ولا الفاضل من المفضول، ولا الناقل من المنقول، ولا الأفيال من الأقيال، ولا الجهد من الجهر، ولا الجمر من الخمر، ولا الحبر من الحبر، ولا الجبر من الجبر، ولا القضا من الفضا، ولا العلا من الغلا، ولا النهار من البهار، ولا الأشجار من الأسحار، ولا العرار من الغرار، ولا الحلال من الخلال، ولا الحمار من الخمار ولا الملاح من الملاح، ولا الصبا

<<  <   >  >>