للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومؤلفاتي وآثاري، ونظامي ونثاري، وذكر من نظمتني وإياه أيدي الأقدار، في هذه الدار وغيرها من الأجلاء أولي الفضل والمقدار، وما وقع لي وجرى بالإرادة الإلهية، والحكمة الأزلية، فقد يطول ذكره هنا ويتعذر، ويصعب بيانه وشرحه ويتعسر.

وقد ذكرت جميع ذلك في سفر مطول، وأوضحت أمري به فهو عليه المعول، ولما عزل ابن العم عبد الله بن الطاهر من فتوى دمشق الشام، وبقيت البلدة خالية عمن يصونها، ومفتقرة لمن يحرس رباعها وحصونها، ويتولى أمرها، ويطفئ برأيه من البوائق المدلهمة جمرها، وينشر مسائلها، وينقح رسائلها، ويتصدر في دستها السامي الأركان ويتصدى لحل مشكلاتها حسن الإمكان، كنت في قسطنطينية فوليت هذا المنصب بعده برأي رجالها ورؤساء الدولة، وكان مفتيها الحلاحل الغطريف، شيخ الإسلام محمد شريف، وهو العلامة والبحر الزخار، وطود الفضائل والفخار، لا برح السعد يراوح ناديه، وتزاحم القلانس والتيجان على لثم بابه وأياديه، فقد أحلني مكان بنيه، ومن يحنو عليه ويدنيه:

وألبسني ثوب المكارم معلماً ... وتوجني من فضله وكساني

وكانت توليتي للمنصب المذكور من طرف الدولة في اليوم السابع من شعبان سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف، وأنا حينئذ في البلد المذكورة قسطنطينية دار السلطنة العلية، صانها الله من كل آفة وبلية، ثم قدمت مفتياً لبلدتي دمشق ذات النيربين والشرف، التي أكرمها الله تعالى بالبركة والشرف، وأنخت ببقاعها من المسير المطايا وأنا متوكل على مجزل العطايا،

<<  <   >  >>