للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إنه بعد الغروب، مر علي في عربيته فبادرت الركوب وسرت مع حضرته مصغياً لكلامه، مقتطفاً أزهار نثره ونظامه، بمحاضرة تهز المعاطف اهتزاز الغصون، ورونق لفظ لم يدع قيمة للدر المصون. وفي ثاني يوم صباح العيد، باركت له في الموسم السعيد، ثم قدمت هذه القصيدة، لطلعة حضرته السعيدة، فتناولها مني بيد القبول، وأجرى لها من البشاشة ما يفوق المأمول، وهي:

أما والهوى العذري المقيم على عذري ... بها كل برهان حكى طلعة البدر

لئن كان لي قلب يميل لغيرها ... فلا زلت طول الدهر في غصة الهجر

فتاة لها روحي وهبت ومهجتي ... وإن قبلت أسديتها ميتا شكري

أرى الموت في شرع الغرام بحبها ... حياة ومن لم يقض في الحب ذر كفر

رماني عذولي بالسلو ولامها ... على صلتي من لي بضد عنى ضري

أأسلو وقلبي كلما مر ذكرها ... أسال جفوني من يواقيتها الحمري

ألم يكف هذا الدهر سقمي ولوعتي ... فساعد في تسليط ضدي على غدري

رعى الله أيام الوصال وطيبها ... وياليت لو أنفقت في نيلها عمري

لقد كان لي ممن أحب رعاية ... فصار لها قلب يزيد على الصخر

ولم أنس مذ جاذبتها من ذوائب ... فمالت كغصن البان تيها على صدري

ولله ما أجراه رشح رضابها ... بلبي كأني سغت خمراً على خمر

ثوت في فؤادي حين شامته خالياً ... ولكن على صعب النوى أحكمت قصري

سقى الله مغناها سيواكب عبرتي ... فيغدو بدمعي منبت الورد والزهر

فليس لها في الحسن والله مشبه ... وليس لمحيي الدين ثان بلا نكر

أمير العلا بحر الندى صفوة الملا ... عليه يد النعماء قد قصرت شكري

تملكني عن أصله فهو سيدي ... وأني له المملوك في صورة الحر

أيا ابن النبي الهاشمي محمد ... لقد راق للأسماع في مدحكم شعري

<<  <   >  >>