للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومزية، حكى عبد الله بن مسلم فقال ما زلت مذ نيط علي الإزار، وبلغت خمسة أشبار، مقبلاً على الأعلام والعلوم، وراغباً في تحصيلها بالحدود والرسوم، راغباً عن الأعلام والرسوم، فسايرت العلماء، وسامرت الأدباء، حتى صار لي ذلك شنشنه، وذكرت به في جميع الألسنة، فبينما أنا راتع في تلك الرياض، ووارد عذب تلك الحياض، أجتني من تلك الأثمار، وأقطف من هاتيك الأزهار، إذ هتف بي هاتف، وأنا في خلال أشجارها طائف، فراعني كمال الارتياع، وقرع مني صماخ الأسماع، وقال لي أين أنت عما نقل من الإجماع، قلت يا ذا وعلى ماذا الإجماع، قال على وجوب معرفة الله، عز وتعالى عن الأشباه، وعلى معرفة صفات الإكرام والجمال، ومعرفة صفات التنزيه والجلال، فتأملت الهاتف بحقيقة النظر، فإذا هو علامة البشر، والعقل الحادي عشر، فقلت أرشدني إلى من يفهمني ذلك، ويخرجني من ربقة المهالك، فقال اقصد علامة الأنام، ومفتي الخاص والعام، القاطن بمحمية دمشق الشام، فلعمر الله إنه فاضل مجيد، يرشدك إلى معرفة التوحيد، ففوضت عنان السفر، ورحلت لأنظر حقيقة الأمر، فما زلت كأني تائه، أجوب الربا والمهامه، وأجد السير والسرى، وأتصفح وجوه البلاد والقرى، أسمع الثغام والبغام، وأقد ظهران النعام، حتى توسمت ربى مدينته، ولاحت لي أنوار طلعته، بعثت رائدي وسفيري، كما هو دأبي في مسيري ليتحقق لي الخبر، وأميط عني وعثاء السفر، فمكثت هنيهة، وأنا على أحسن هيئة، فحضر وقال أنا لك البشير، فقد استشرفت على العالم النحرير، هذا سيبويه النحو والرضي، وابن هاني في شعره وبيانه المضي، إلى أن قال: فلما رأيته تبسم، وكان قد تلثم، تأمله ناظرين وتوسمه خاطري، فإذا هو البحر الغطمطم الزخار، والحبر الذي لا يشق له غبار، سلالة الأطهار، ونتيجة الأخيار، غصن الدوحة النبوية، وفرع العترة الهاشمية، منجا كل صادي، وملجا كل حاضر وبادي، العلامة الفهامة، سيدي وأستاذي، وقدوتي

<<  <   >  >>