للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاضل الشيخ علي بن محمد السويدي البغدادي الشافعي، وغيرهم، وقد أخذ عن المترجم جماعة سادة، وجملة قادة، منهم السيد محمود البرزنجي قرأ عليه أنواع العلوم، وانتفع به إلى أن صار من أفاضل العلماء، وصفوة الفضلاء، المشار إليهم في العراق، ومحمد أفندي ابن النائب البغدادي وغيرهما ممن يطول ذكره.

وكان المترجم المذكور حسن الأخلاق جميل المحاضرة، كثير العطايا دائباً على البحث والمذاكرة في العلوم الشرعية والعقلية، ولما صار عمره سبعاً وعشرين سنة تولى الخازندارية لسليمان باشا والي بغداد. ولم يزل يترقى على درج الصعود، وتلحظه عين العناية بأنواع الحظ والسعود، إلى أن آلت ولاية بغداد إلى سعيد باشا بن سليمان باشا، وذلك سنة ثمان وعشرين ومائتين وألف. وكان الأمير في ذلك الوقت على عرب المنتفق حمود بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع الشبيبي، وكان من فرسان العرب وأذكيائهم ودهاتهم، وكان مكاراً، وله وقائع وأيام مشهودة أقر له فيها أخصامه وأضداده، وأمور غريبة يطول الكلام عليها، فلما تولى سعيد باشا صار أمره بيد حمود، حتى ما كأنه إلا طفل صغير تحت تصرف وصيه أو وليه، ولهذا أعطاه سعيد باشا ما في جنوب البصرة من القرى جميعها، وهو يقارب ثلث إيراد العراق فطار صيت بني المنتفق في البلاد، وأطاعهم الحاضر والباد، ونفذت أقوالهم، واتسعت أموالهم، وقصدهم الشعراء من جميع النواحي والأقطار، وأجازوهم بما يفوق جوائز ملوك الأمصار، إلى أن قصر مدح الناس عليهم، وصار لا يسمع بين الناس ثناء إلا وهو مصروف غليهم، ولم يزل حمود عند سعيد باشا في بغداد يرفع مكانه، ويشيد بنيانه، إلى أن تثبت في القلوب قدره، واعتدل بين الأهالي أمره، فعلا حمود إلى مقره، ولكن لا زال زمام سعيد باشا بيده من سره وجهره، فلا يفعل سعيد باشا شيئاً

<<  <   >  >>