للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما هكذا قد كنت تأتي للورى ... فارحم جشا بلظى هواك تسعرا

وإذا سألتك أن أراك حقيقة ... فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى

أين الرياح العاصفات بفصله ... لا تبقي في الأشجار عرقاً أخضرا

أين الجليد مجمدّ الأرض الذي ... مثل الزجاج تخاله متصورا

أين الصقيع المقصم الظهر الذي ... ترك الفتى من رجفه متحيرا

أين الضباب المظلم الجو الذي ... بظلامه يحكي قتاماً أغبرا

أين اسوداد الجوِّ أين عبوسه ... أين الغمام وغمه ومتى سرى

أين الزيادة في المياه إذا أتت ... تحكي لنا في اللون طيناً أحمرا

بل أين برد الزمهرير ولسعه ... للوجه لكن يستخير المنخرا

أين الرعود المزعجات بصوتها ... كمدافع يضربن جواً أقفرا

فإذا رأيت رأيت برداً خاطفاً ... وإذا سمعت سمعت صوتاً منكرا

أسفي لثلجك يا شتاء فإنه ... قد كان يبني أذرعاً أو أكثرا

أسفي على البَرَد الكبير وطبّه ... مذ كان ينزل جامداً مستحجرا

أسفي علينا ما رأت أبداننا ... برداً به نلتذ في لبس الفرا

فإلى متى والصحو عمَّ سماءنا ... والشمس في إشراقها لن تسترا

وبيوتنا أبوابها مفتوحة ... فكأن حرَّ الصيف لن يتغيرا

وننام لا مزَّملين بثوبنا ... كلا ولا احتجنا لآن نتدثرا

وسقوفنا جفت وقد كانت لنا ... يبكي بدمع الدلف ماء أصفرا

أسفي على يبس الميازيب التي ... طول الشتاء تصب ماء أغبرا

أسفي على تلك البلاليع التي ... كانت تسد بما يحاكي الأبحرا

أسفي على تلك المناقل لم تذق ... في صفوة فحماً وجمراً أحمرا

أسفي على تلك البرادي وهي في ... أجداثها ملفوفة لن تنشرا

<<  <   >  >>