للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورأيك سيف ما ألمت شباته ... بأمر عصى إلا استطاع له الأمر

ومن أين للسيف الحسام مضاؤه ... إذا خامر الألباب من حادث ذعر

كهانته شق سطيح بجنبها ... يحار لها زيد ويعيا بها عمرو

سمعنا بأن الجبن فيهم سجية ... ولما التقينا صدق الخبر الخبر

لقد تركوا الأوطان والأهل عنوة ... وأجلاهمو القتل المبرح والأسر

وما وقفوا في ماقط الحرب لحظة ... ولا تثبوا كلا ولكنهم فروا

وأدهم بالدهم الجياد داهمو ... فحاصوا كحمر الوحش صادفها نمر

وترحالة عنها ترحل جمعهم ... ودكدك من أنحائها السهل والوعر

وغصت غلوص بعد ذاك بريقها ... فما ساغ لولا أن تداركها البحر

ولا ريس في لا ريس بعد انهزامهم ... رئيس فهم فوضى كأنهم الحمر

ودوميكة تدعوا اتينة جهدها ... لتنجددها هيهات أشغلها عذر

وحينما كنت في الآستانة سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة كان حضرة المترجم بها أيضاً، وكنت أجتمع به كثيراً وأجلو الغم بمذاكرته وبديع محاضرته. وكان متقن اللغات الثلاث متبحراً بها، فمرة تلا علينا بيتين بالفارسية وأفاد أن معناهما أن هذا العالم قبل إيجاد كان مستريحاً من النعم والنقم، وأن الله تعالى ما أوجده إلا لتحمل الألم، والأكدار والسقم، وطلب مني رد هذا المعنى إلى العربية فلم أستطع إلا موافقته ومسايرته ومطاوعته، فقلت:

كان ذا العالم في غيب العدم ... ذا هناء من نعيم أو نقم

ما براه الله إلا للعنا ... والدواهي والنواهي والسقم

وقلت أيضاً:

قد كان ذا الخلق في غيب العما عدماً ... ما شابه نعم كلا ولا نقم

وما براه إله العرش من عدم ... إلا لتنهكه الآلام والسقم

<<  <   >  >>