للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وفي حديث أبي هريرة في البخاري مرفوعا: «لَنْ يُنَجِّي أَحَدًا عَمَلُهُ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا» (١) .

* فمما سبق يتبين أن الكتاب والسنة يخصصان عموم اللغة، وأن الغلو هو: " الإفراط في مجاوزة المقدار المعتبر شرعا في أمر من أمور الدين ".

فالنصارى جاوزوا المقدار المعتبر في حق عيسى عليه السلام، وأنه عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فأفرطوا إلى القول بألوهيته وربوبيته. واليهود جفوا في حقه فزادوا في التفريط تجاوزا بلغ الغلو فيه إلى القول بأنه ابن زنا وبغي، وقذفوا أمه؛ فهم غلاة في جفائه.

وكذلك حال المعطلة الذين غلوا في التنزيه فأفرطوا، وحال المشبهة الذين غلوا وزادوا في الإثبات حتى غلوا في الإثبات. وسيأتي الكلام عليهم في موضعه إن شاء الله، وعلى هذا فقس.


(١) رواه البخاري في كتاب الرقاق بهذا اللفظ، باب القصد والمداومة على العمل. وأخرجه أيضا الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صفات المنافقين - باب لن يدخل الجنة أحد بعمله برقم ٢٨١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>