للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما مرق منه من غلا في الدين وتجاوز الحد ممن كانوا من أعبد الناس وأزهدهم وأكثرهم تهليلا، حتى إن الصحابة يحقرون أنفسهم عندهم، وهم تعلموا العلم من الصحابة. . إلى أن قال الشيخ: وأما سبهم المشايخ وثلبهم إياهم وإساءة الظن بهم، وكذلك ما نسبوه إلى ولي الأمر من الأقوال التي لا تروج على عاقل، ويغتر بها كل مغرور جاهل، فهذا كله مما يرفع الله به درجات الإمام، والمشايخ، وحسابهم على الله، وسيجازيهم بما جازى به المفترين؛ لأن الإمام والمشايخ لم يمنعوهم إلا خوفا على من دخل هذا الدين أن يسلك مسلك الخوارج، الذين مرقوا من دين الإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

وأما قول بعضهم: ما فعل المشايخ ذلك إلا حسدا منهم للإخوان في دعوتهم. فنقول: وهل يدور في عقل عاقل أن المشايخ يحسدونهم على ما أحدثوه من البدع والغلو والمجازفة والتجاوز للحد!!

وأما قولهم: إن المشايخ داهنوا في دين الله، والإخوان أمروا وأنكروا. فنقول: ما أشبه الليلة بالبارحة، فلا جرم قد قالها الذين من قبلهم لما نهاهم أهل الحق عن الغلو في الدين، قالوا لمن نهاهم: يا أعداء الله قد داهنتم في الدين (١) . وهم يزعمون أنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، تشابهت قلوبهم.


(١) مقولة الخوارج لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>