للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من اتباع المتشابه ومن متبعي المتشابه، فعن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قالت: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧] قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» (١) .

ولخطورة اتباع المتشابه كان السلف يردعون متبعه، ويؤدبونه تأديبا بليغا، فعن سليمان ين يسار - رحمه الله - أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، فقال عمر: وأنا عبد الله عمر، ثم أخذ عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى أدمى رأسه (٢) .

وما وصف متبعو المتشابه بالزيغ، والتحذير منهم وتأديبهم إلا لما يجره اتباع المتشابه من انحراف عن الحق وضلال، واعتبر ذلك بالخوارج؛ لتعلم كيف انحرفوا؟ بسبب اتباع المتشابه، فقد أخذوا - مثلا - قوله تعالى:


(١) رواه البخاري (٥ / ١٦٦) كتاب تفسير القرآن، باب منه آيات محكمات، ومسلم (٣ / ٢٠٥٣) رقم ٢٦٦٥ كتاب العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن.
(٢) رواه الآجري في الشريعة (٧٣) والدارمي في السنن (١ / ٥١) رقم (١٤٦) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٤ / ٦٣٤) وذكر له الحافظ ابن حجر إسنادا صحيحا عن ابن الأنباري: الإصابة (٣ / ٤٥٨ - ٤٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>