للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الدلالة: أن وصف الله سبحانه وتعالى الدين بأنه يسر، وبأن الله ما جعل علينا فيه من حرج، وأن الله يريد أن يخفف عنا، كل هذا يدل على أن الغلو في الدين غير مطلوب، بل ليس هو من الدين، وأن التوسط هو سمة الدين ومنهاجه، والوسطية بين طرفين: تشدد وتساهل. وهل يؤخذ عند الاختلاف بأخف القولين أو بأثقلهما؟ (١) .

ذهب بعض الناس إلى الأخذ بأخف القولين وأيسرهما استدلالا بهذه الأدلة.

وذهب آخرون إلى الأخذ بالأشد.

والذي يظهر أن المراد بهذه النصوص هو أن الدين يسر، أي: ما جاء وثبت في الشرع، فهو يسر، وليس المراد أن اليسر هو الدين.

وأن سماحة الشريعة ويسرها إنما جاءت مقيدة بما هو جار على أصولها، والقول باتباع الأيسر مطلقا إنما هو اتباع هوى النفس وما تشتهيه، دون الرجوع إلى الدليل، وذلك ينافي أصول الشريعة (٢) . وهو مؤد إلى إسقاط التكاليف جملة؛ لأن التكاليف كلها فيها ما يشق على النفس، فإذا كانت المشقة حيث لحقت في التكليف تقتضي الرفع بهذه الأدلة؛ لزم ذلك في جميع التكاليف، فلم يبق للعبد تكليف، وهذا محال، فما أدى إليه مثله، فإن رفع الشريعة مع فرض وضعها محال (٣) .


(١) الموافقات للشاطبي (٤ / ١٤٨) .
(٢) الموافقات (٤ / ١٣٣، ١٣١ - ١٣٤) .
(٣) الموافقات (٤ / ١٩٣) ، وانظر منه (٤ / ١٤١، ١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>