للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] )) (١) وشواهد القرآن الكريم على ذلك كثيرة جدا، منها قوله تعالى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وقوله سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨] وقد تمثل هذه الآية الإمام الجليل إسماعيل بن إسحاق القاضي، إذ ((دخل عليه ذمي فأكرمه، فوجد عليه الحاضرون فتلا هذه الآية عليهم)) (٢) .

وخلق التسامح أحد الأخلاق التي حرص القرآن الكريم على ترسيخها، فلذلك نجد تقريره في الآيات المكية والمدنية، ومن الآيات المكية قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] وفيها يقول الإمام الكبير جعفر الصادق: ((أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية)) (٣) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وهذه الآية فيها جماع الأخلاق الكريمة، فإن الإنسان مع الناس إما أن يفعلوا معه غير ما يحب أو ما يكره، فأمر أن يأخذ منهم ما يحب ما سمحوا به، ولا يطالبهم بزيادة، وإذا فعلوا معه.


(١) انظر المرجع السابق ص ١٩٧.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ٤ / ١٧٨٦.
(٣) معالم التنزيل للبغوي ٣ / ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>