للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان التشديد على النفس حتى في أمور العبادات ضربا من ضروب الغلو نهت عنه السنة النبوية لأن عاقبة صاحبه إلى الانقطاع، ففي حديث أبي هريرة مرفوعا: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» رواه البخاري وغيره (١) «وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة» كما في البخاري أيضا تعليقا. فلا مكانة في الإسلام للغلو ولا للتطرف فإن المتطرف أيضا مجاوز حد الاعتدال متنكب عن الوسطية، فهو وصف لصيق بالغلو ممتزج به، وإن لم يدر ذكره في نصوص الشرع ولا محل في الحنيفية السمحة للتنطع ولا للعنف الذي اتخذ في عصرنا الحاضر ظاهرة ذات طابع دني مصطبغة بالشرعية فيما يزعمون.

فكل هذه السمات مباينة لوسطية الإسلام خارجة عن دائرة القصد والاعتدال والناس في القديم والحاضر:

١ - إما مستمسك بالحق، قائم على أمر الله تعالى فهو من أهل الوسط الذين تأهلوا لأن يكونوا شهداء على الناس.

٢ - وإما مفرط زائغ، متجاوز لحدود الله مستهين بأمر الله تعالى.


(١) صحيح البخاري (١ / ١٦) كتاب الإيمان باب الدين يسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>