للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهده، وحينئذ ينفعه التحسب، بخلاف من فرط ثُمَّ قَالَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَإِنَّ الله يلومه، ولا يكون في هذه الْحَالِ حَسْبَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَسْبُ مَنِ اتَّقَاهُ ثم توكل عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذكر]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذكر كان أكمل الناس ذِكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بَلْ كَانَ كَلَامُهُ كُلُّهُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، وَكَانَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَتَشْرِيعُهُ لِلْأُمَّةِ ذِكْرًا مِنْهُ لِلَّهِ، وَإِخْبَارُهُ عَنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ بآلائه وتمجيده وتسبيحه وتحميده ذكرا منه له، وسكوته ذِكْرًا مِنْهُ لَهُ بِقَلْبِهِ، فَكَانَ ذَاكِرًا لِلَّهِ في كل أحيانه، وَكَانَ ذِكْرُهُ لِلَّهِ يَجْرِي مَعَ أَنْفَاسِهِ قَائِمًا وقاعدا، وعلى جنبه، وفي مشيه، وركوبه، وسيره، وَنُزُولِهِ، وَظَعْنِهِ، وَإِقَامَتِهِ. وَكَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وإليه النشور» (١) .

ثم ذكر أحاديث رويت فيما يقول إذا استيقظ، وإذا استفتح الصلاة، وإذا خرج من بيته، وإذا دخل المسجد، وما يقول في المساء والصباح، وعند لبس الثوب، ودخول المنزل، ودخول الخلاء، والوضوء والأذان، ورؤية الهلال، والأكل، والعطاس.

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند دخوله مَنْزِلِهِ]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند دخوله منزله لم يكن لِيَفْجَأَ أَهْلَهُ بَغْتَةً يَتَخَوَّنُهُمْ، وَلَكِنْ كَانَ يَدْخُلُ على علم منهم، وكان يسلم عليهم، وإذا دخل بدأ بالسواك، وسأل عَنْهُمْ، وَرُبَّمَا قَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ؟» وَرُبَّمَا سَكَتَ حَتَّى يُحْضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا تيسر. وثبت عنه أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ، فَلَمْ يرد عليه، وأخبر «أن الله سبحانه وتعالى يمقت الحديث على الغائط» ، وكان لا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بغائط، ولا بول، ونهى عن ذلك.


(١) البخاري ومسلم.

<<  <   >  >>