للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا - كَانَ حَسَنًا.

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آداب الطعام]

فصل وكان إِذَا وَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ قَالَ: بِسْمِ الله (١) وأمر بذلك، ويقول: «إذا نسي فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ» (٢) . حَدِيثٌ صحيح. والصحيح وجوب التسمية عند الأكل، وتاركها شريكه الشيطان في طعامه وشرابه، وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ، وَلَا مُعَارِضَ لها، ولا إجماع يسوغ مخالفتها. وهل تزول مشاركة الشيطان بتسمية أحد الجماعة؟ فنص الشافعي على إجزاء تسمية الواحد، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تُرْفَعُ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْآكِلِ إلا بتسميته هو. وللترمذي وصححه عَنْ عائشة كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ لو سمى لكفاكم» . ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه سموا؛ ولهذا جاء في حديث حذيفة: حضرنا طعاما، فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدها، ثم جاء أعرابي، فأخذ بيده، فقال: «إن الشيطان يستحل الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وأكل» . ولكن قد يجاب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن وضع يده، ولكن الجارية ابتدأت. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فَفِيهَا نظر، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كل مسلم سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ» ، وَإِنْ سُلِّمَ الْحُكْمُ فِيهِمَا، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الشيطان إنما يتوصل إلى مشاركته الأكل، فإذا سمى غيره، قلت مشاركة الشيطان له، وتبقى المشاركة بينه وبين من لم يسم. ويذكر عنه أنه كان إذا شرب تنفس في الإناء


(١) لحديث عمر بن أبي سلمة قال: قال لي رسول الله (سم الله وكل، وكل بيمينك وكل مما يليك) متفق عليه.
(٢) رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>