للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك جعله يدرك أن هناك مصلحة، وإن لم تدرك في الحال، كما يستفاد من الحادثة أن الحاكم المسلم إذا رأى في أمر معين ترجيحا للمصلحة ودرءا للمفسدة، فإن عليه أن يتخذ قرارا بما يوافق المصلحة، ومما لا شك فيه أنه ليس هناك إصابة لعين المصلحة أو المفسدة لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يكون الحكم على غلبة الظن.

[المكاتبات والعهود مع الملوك خارج جزيرة العرب]

٤ - المكاتبات والعهود مع الملوك خارج جزيرة العرب: تختلف هذه المعاهدات عن سابقتها بأنها على مستوى الدول حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم كاتب دولا أخرى أجنبية، أما المعاهدات السابقة فكانت مع أطراف خارج الدولة الإسلامية لا يمكن اعتبارها دولا؛ لعدم توافر أركان الدولة في أي منها، هي القبائل العربية، وليس الهدف من المكاتبات والمعاهدات في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التوسع السياسي، بل الهدف الرئيس هو تبليغ الدعوة وإيصال هذا الدين إلى الناس كافة.

كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوك وأمراء الدول الأجنبية يطالبهم وشعوبهم بالدخول في الإسلام، فكتب إلى هرقل، والنجاشي، والمقوقس، وكسرى، وملك البحرين، وأمير الغساسنة، وملك اليمن، وحاكم اليمامة، فمنهم من أسلم، ومنهم من اعترف بالدولة الإسلامية، ومنهم من مزق الكتاب، ومنهم من قتل مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم، والمكاتبة بين رئيسي دولتين من الأمور الدستورية، واعتراف الدول الأخرى بدولة ما يعطي هذه الدولة مكانة دستورية أكبر.

وذكر ابن سعد (١) أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رجع من الحديبية أرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتبا، وأشار


(١) ابن سعد، الطبقات، جـ١، ص ٢٥٨، طبع دار صادر بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>