للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالدستور العرفي هو الذي يكون العرف مصدرا له، والدستور في النظام الإسلامي مصدره الوحي وما انبثق عنه من مصادر، وبالتالي فلا يمكن اعتباره دستورا عرفيا، كما قد يتبادر إلى الذهن لكونه غير مدون فقط، والذين نحوا هذا المنحى استخدموا المصطلحات الدستورية الغربية دون تمحيص، إذ أنه وفق هذه المصطلحات الغربية إذا لم يكن الدستور مدونا عد دستورا عرفيا، كما في بريطانيا مثلا، فاستخدام المصطلحات الغربية على عواهنها غير مسلم به، فالظروف والمتغيرات الحضارية والسياسية تختلف في النظام الإسلامي عنها في النظم الغربية، ففي النظام الإسلامي هناك الشريعة الإسلامية التي يحتكم إليها الجميع، وهي الأساس لكافة الأحكام الدستورية منها وغيرها، أما في النظم الغربية فأساس التشريع هم البشر، سواء عن طريق التشريع العادي، أو العرفي، أو القضائي، أو الفقهي، وبالتالي فلا يعتبر الدستور في الإسلام بأي حال دستورا عرفيا بالمصطلح الغربي.

وتدوين الدستور وعدمه أمر يرجع لظروف كل دولة، ففي عصر الخلفاء الراشدين لم يكن هناك ضرورة لتدوين الدستور؛ لقرب الناس من العهد النبوي ولالتزام الجميع التزاما ذاتيا بأحكام الشرع، وهذا بحد ذاته يعتبر ميزة دستورية لهذا العصر، وليس معنى عدم وجود الدستور المدون أن الدولة غير قانونية؛ لأن المقصود بوجود الدستور - مقوما للدولة القانونية - هو وجود القواعد الدستورية أو الأساسية التي تحكم أمور الدولة الرئيسة، وما يتعلق بالسلطات وحقوق الأفراد سواء أدونت هذه القواعد في وثيقة واحدة، أم لم تدون في هذه الوثيقة، كما يجب أن نفرق هنا بين مصطلحي الدستور العرفي والعرف الدستوري، فالدستور العرفي يخص الدول التي لم تدون القواعد الدستورية فيها في وثيقة مكتوبة تجمعها ويعد العرف هو المصدر الرئيس للقواعد الدستورية فيها، أما

<<  <  ج: ص:  >  >>