للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم أي مقوم للحضارة سوى القوة فقط، فما لبثوا أن ذابوا في الحضارة اليونانية وتغلبت على عقلياتهم، وانصبغوا بصبغتها.

وعلى العكس من ذلك، فالدول الاستعمارية في العصر الحديث - حيث كان هدفها هو مصلحتها الذاتية فقط - امتصت خيرات الشعوب واستعبدتهم لخدمة مصالحها وأغراضها، وأورثت لهم التخلف والفقر والجهل والمرض، غير آبهة بأهل تلك البلاد وبكرامتهم، ولا بأدنى مستوى للكرامة الإنسانية.

ونتيجة لتوسع الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، ونتيجة للاتصال بحضارات أخرى أحدثت بعض التجديدات الإدارية في الدولة الإسلامية، لمواجهة متطلبات التوسع وامتداد أقاليم الدولة، واستفادت مما توصل إليه الآخرون من وسائل لا تمس جوهر الإسلام.

والذي يذكر في هذا المجال أن المنهج الإداري الذي سلكه أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان مقاربا لما كان عليه العمل في العهد النبوي؛ وذلك لعدم تغير الظروف والأوضاع تغيرا كبيرا يتطلب تغيير تلك النظم، ولانصراف أبي بكر إلى تثبيت قواعد الحكم الإسلامي في الجزيرة العربية، وإخماد فتن المرتدين، فيمكن اعتبار العهد النبوي عهد تأسيس الدولة ويعتبر عهد أبي بكر عهد تثبيت قواعد الدولة. ونشر سلطانها السياسي (١) .

ومن أهم التطبيقات الإدارية في عهد أبي بكر توليته القضاء لعمر، وبيت المال لأبي عبيدة، وتقسيمه شبه الجزيرة إلى ولايات، حيث وضع في كل ولاية أميرا يؤمهم في الصلاة، ويقضي بينهم، ويقيم فيهم الحدود (٢) .


(١) د. محمد العوا، النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص ٨٣.
(٢) د. يوسف علي يوسف، د. محمد أبو سعدة، دراسات في عصر الخلفاء الراشدين، ص٣٢. طبعة أولى ١٣٩٨هـ، دار الطباعة المحمدية، القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>