للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أنه وردت نصوص السنة في الراعي والرعية، والبيعة والإمارة والطاعة للأمير، وكذلك في السنة تشريعات لحقوق الحاكم والأفراد ومسؤولياتهم، وكذلك السلم، والحرب، والمعاهدات، والقضاء، والشورى، ومركز الأقليات الدينية، مما يؤكد أن السنة تحوي قدرا كبيرا من المسائل الدستورية التي لها أهمية كبرى في مجال الدستور في النظام الإسلامي، وهذه السنة معتبرة إذا توافرت فيها شروط الصحة، سواء كانت متواترة أو مشهورة أو آحادا (١) .

والحقيقة أن سنة الآحاد متى صحت نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حسب الشروط التي وضعها علماء الحديث فإنها تكون مستندا ومصدرا للأحكام الشرعية، لا فرق بين الدستوري منها وغيره، لأن الصحيح أن خبر الواحد إذا توافرت فيه شروط الصحة فهو حجة في العقائد والأحكام من غير تفريق بينهما، والعمل به على مقتضى الحكم الشرعي الذي يدل عليه، لأنه يفيد اليقين، وقيل: لا يفيد اليقين إلا إن احتفت به قرائن دالة على صدقة مثل أن يرويه الشيخان البخاري ومسلم (٢) .

فالسنة هي المصدر الثاني بعد كتاب الله للدستور، في النظام الإسلامي، ثم إن تقسيم العلماء للسنن إلى عامة وغير عامة يجب ألا يحمل ما لا يحتمل بأن توضع أغلب الأحاديث والسنن في قالب التشريع الوقتي، الأمر الذي يؤدي إلى رفض السنة بشكل غير مباشر.

وبهذا يتبين ضعف الرأي القائل بأن سنة الآحاد لا تؤخذ في مجال الأحكام الدستورية.


(١) المرجع السابق، ص ٨٣.
(٢) محمد بن علي الشوكاني، إرشاد الفحول ص ٩٢ - ٩٥، ط١ ١٤١٣هـ، مكتبة مصطفى الباز، مكة المكرمة، ومحمد الأمين الشنقيطي، مذكرة أصول الفقه ص ١٠٣ - ١٠٧، ط بدون، المكتبة السلفية المدينة المنورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>