للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غزوة تبوك، التي كان لها أثرها الإعلامي الضخم , فهي وإن لم يجر فيها قتال وطعان، ولكنها قوة إعلامية هزت قوى الكفرة العالمية هزا عنيفا، جعلت ركائز النصرانية في جزيرة العرب تأتي مسالمة، فقد جاء وفد إليه ليمثل نصارى العرب في الجزيرة، وصادف وصول رسول قيصر إمبراطور الروم إلى تبوك ليعلن نفس الهدنة، وبذلك دانت جزيرة العرب للإسلام (١) ؛ وليس مهمة القوة الإعلامية والجهادية في الإسلام التدمير والقتل وسفك الدماء (٢) ؛ إنما هي القوة الرادعة المرهوبة الجانب، التي تمكن لحرية البلاغ حتى يعرض دين الله على الناس، وهي القوة التي تلجم الطغاة الذين يريدون فتنة الناس عن دين الله وكبت حريتهم.

وهذا كله يؤكد لنا أهمية القوة التي ينبغي أن تقوم أولا لحماية النظام الإعلامي الإسلامي، ولحماية رجال الدعوة والإعلام في كل أرض، فالعملية الاتصالية ترتبط بالظرف الاتصالي وما يتأثر به في الجملة.


(١) انظر تفصيلا مفيدا في هذا الجانب عند: منير محمد الغضبان: فقه السيرة، ط / ٣، (مكة: جامعة أم القرى معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، ١٤١٥هـ) ، ص: ٥٩٧.
(٢) لقد تفرق العدو الذي جمع جموعه لقتال الإسلام قبل وصول جيش الرحمة والعدل الذي لم يكن كجيوش الحربين العالميتين الأولى ١٩١٤-١٩١٨م، التي قتل فيها ستة ملايين وأربعمائة ألف نفس ٦. ٤٠٠. ٠٠٠، وفي الثانية قتل ما بين خمسة وثلاثين مليون نفس إلى ستين مليون نفس ٣٥. ٠٠٠. ٠٠٠ - ٦٠. ٠٠٠. ٠٠٠ كما جاء في دائرة المعارف البريطانية نقلا عن الشيخ أبو الحسن علي الحسيني الندوي، السيرة النبوية، ط٧، (دار الشروق، ١٩٨٦) ، ص: ٣٧٤، ومع ذلك فإن هاتين الحربين لم تقدم للناس مصلحة ولم يستفد منها العالم البشري في قليل ولا كثير، ولا يمكن أن تقارن بالحرب في الإسلام التي كانت لتحطيم الأغلال ونشر الأمن وهداية الناس.

<<  <   >  >>