للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حال المشركين قبل المعركة ووقعة نخلة]

وصدق قولنا: إن غزوة نخلة كانت هي سابقة لغزوة بدر.

فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عتبة، وكان من سادات القوم، وما جاء مع القوم إلا كمشجع وما كان يريد أن يصل إلى بدر ولما رأوا تلك الرؤيا أن رجلاً نحر بعيراً فسال دم البعير وانتشر في خيام المشركين، ولم تبقَ خيمة إلا ودخلها من دم ذلك الجزور، فخافوا من هذه الرؤيا.

وكذلك رؤيا عاتكة من قبل، فجاء حكيم بن حزام، إلى عتبة، وقال: يا عتبة! أنت سيد الوادي هل لك أن تذكر بخير مدى الدهر، قال: وما ذلك؟! قال: أن ترجع بالناس.

لأنهم قبل ذلك أيضاً كانوا أرسلوا شخصاً ينظر كم عدد المسلمين، فذهب ونظر من بعيد ورجع، وقال: القوم نحو الثلاثمائة يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، ولكن أمهلوني حتى أنظر هل هناك مدد وكمين لهم؟ قال: فذهب فأبعد في الوادي ثم رجع، فقال: يا معشر قريش! والله ليس لهم مدد ولا كمين، والله! إني رأيت المطايا تحمل المنايا، والله إنهم يتلمظون كما تتلمظ الأفاعي بأنيابها، والله يا معشر قريش لن يقتل واحد منهم حتى يقتل واحداً منا، ولئن قتل منا بعددهم؛ فما قيمة الحياة بعد ذلك؟! هناك حكيم بن حزام جمع هذا كله، وجاء عتبة فقال: هل لك أن تحمد ويثنى عليك وتشكر الدهر كله، قال: وما ذاك؟ قال: ترجع بالناس، وهذا ابن الحضرمي الذي قتل في غزوة نخلة حليفك تحمل ديته، قال: هي لك عندي فاذهب بها، ولكني أخشى ابن فلانة -وسمى أم أبي جهل - على الناس، اذهب إليه.

فذهب إليه، وقال: إن عتبة يقول كذا وكذا، قال: ما وجد رسولاً إلا أنت، قال: نعم، ولا أكون رسولاً لغيره، فقال: انتفخ سَحَره، لقد خشي المسلمين على ولده، وكان ولده سبق إلى الإسلام، فرجع إلى عتبة، وأخبره الخبر، ثم جاء أبو جهل وأتبعه، ووقف على عتبة، وقال: خشيت على نفسك؟! والله! لا نرجعنّ حتى نقتل ونفعل ونفعل، وقال لأصحابه: لا تقتلوا أصحاب محمد وخذوهم بالأيدي لنعلمهم كيف يخرجون على آلهتنا، ثم أخذ سيفه، وضرب فرسه على متنه فقطعه، فقال الحاضرون: بئس الفأل والله.

ثم كان من شأنه أن قال: ونادى ابن الحضرمي أخاه قال: إن حليفك يريد أن يضيع عليك ثأرك، فقم في الناس واسأل الثأر، فقام وفسخ ثيابه، ونادى: وابن حضرماه، وقام واشتعل القتال.

وهذا مما يدل على أن غزوة نخلة قبيل غزوة بدر.

بينما النبي صلى الله عليه وسلم قال -قبل أن يقوم حكيم لـ عتبة -: يا علي! سل حمزة -وكان حمزة أقرب المسلمين إلى المشركين-: من ذاك الرجل الذي على جمل أحمر، فسأله علي، فجاء حمزة وقال: ذاك عتبة، فقال: إن يطيعوا هذا الرجل يرشدوا، إنه يدعوهم إلى خير، فقام عتبة فعلاً، يدعوهم إلى الرجوع، ولكن كان أبو جهل على خلاف ذلك، ولم تنجح خطة حكيم بن حزام، فشبت المعركة، وجاءت الملائكة وانتهت المعركة على ما تقدم لنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>