للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٩٩ -

التاجر الحمار والفلاح المكَّار

قرأ احد نثق بهم نادرة التاجر الطماع والفلاح المغفل المندرجة في العدد الاول من اسبوعيتنا هذه فتقل الينا ما يقابل ذلك بين تاجر حمار وفلاح مكار قال

حدثني بعض الظرفاء الصادقين عن نادرة يجب ان تدرج في سجلات الحوادث انذاراً للمغفلين وبياناً للنصابين قال. دخلت يوماً على احد اصحابي من تجار الارياف فوجودته مشغولاً وعنده عدد عديد من الفلاحين فتلقاني بالترحاب واجلسني في اكرام وبعد السلام والكلام استأذنني في انجاز حوائج زائريه المذكورين ثم طفق يسال كل واحد عن حاجته مبتدئاً من وضيعهم الى رفيعهم فكان الواحد بطلب نقوداً بالفرط والاخر على محاصيل من قطن وغيره كل بحسب لزومه الا اني وجدته يميل الى من كان رث الثياب قليلها ويعامله بلطف وقضاء الحاجة ويعرض عند جديدها وكثيرها وكان كلما خلص من واحد صرفه الى الاخر حتى انتهى الامر الى احسنهم زهوة وابهجهم كسوة وكان على مايقال احد الفلاحين الاغنياء والعمد الشهراء فسأله عن غرضه فقال انا عاوز يامسيو خمسين جنيه بالفرط فقال لهُ التاجر لاباس اريد فرط المائة اربعة وضامناً غرماً من ذوي الشهرة والقدر وكان هذا الفرط مااخذه من الاخرين فاعترضه السائل وقال ازاي تطلب مني اكثر من غيري وانا احسن منهم حالاً ومالاً فاجابه التاجر مالي افعل به ما اشاء ثم صرفه فارغاً فلما خلا المجلس قلت لهً ياصاح رأيت منك هذا النهار عجباً وهو انك تفضل الفقير المجهول على الغني المشهور وتعطي مالك جزافاً بدون حساب ولو كنت مكانك لفعلت ضد مافعلت حضرتك فتبسم التاجر وقال مالي من الخبرة في هذا الامر يجعلني اقتصر في اشغالي على الفلاح الصحيح واترك غيره مليحاً او غير مليح فالفلاح الصادق في هذا البلد هو من تراه قليل الهدوم كثير الكلام رث الحال خالي البال مفتوح الصدر داني القدر حافي الاقدام كثير الاوهام عاري الساق كثير البصاق خلق الثياب منخفض الجناب قذر الاعضاء لايعرف الحاء من الخاء فهذا ان قرضته وفاك واذا رفضته يخشاك قد ربي على الخوف من الدين واحترام الدائن فلا يرتاح لهُ بال حتى يفي ما عليه اما ما سوي هذا من الفلاحين فأمرهم مجهول فمنهم غنيٌ قادر ومنهم نصابٌ غادر ومنهم متمدن مخاتل وقليلهم صادقٌ عادل الاّ ان المكارين منهم لاياخذون هيئة الفقراء بل الاغنياء ولهذا كنت اعرض عنهم الى ان اعرف جيدهم من رديهم ثم قص عليّ ما رواه عن تاجر مغفل ونصاب ماكر قال. عندما

كانت اسعار القطن عالية والنقود جزيلة وقد اقبل من اوروبا كثيرٌ من المتمولين ينجزون في هذه الاقطار ففتحت بنوكاً عديدة تعطي الفلاح ما