للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ١١٤ -

فهدتني خاتمة المطاف وادتني فاتحة الالطاف الى حي من الاحياء عليه بهجة وبهاء كأنه روضة اينعت ازهارها او جنة تدفقت انهارها يسر مرآة الناظر ويبهج حسنه الخاطر واذا بافواج من الناس تسعى اليه فدخلت في جملتهم لاعلم ماهم عليه فرأيت مايدهش الابصار ويحير الافكار من سعة ارجائه وطيب هواءه وابداع صنعه واحكام وضعه من تزاحم الخلائق في تلك الحدائق ن تراهم مجتمعين حلقاً كالاحداث كأنهم في قوام الغصون ازهار واوراق بعضهم قد استولى عليه الفرح وامال عطفه المرح والبعض طافت بينهم بنت الدنان تشير الى ذهاب عقولهم بالبنان وفيهم المحلق والباهت والناطق والصامت والضاحك والباكي والشاكر والشاكي وغير ذلك على اختلاف الاوضاع والاجناس مابين عناء وهناء وابتئاس وائتناس وبينما انا اطوف بين هاتيك الصفوف اذ حانت مني التفاتة الى شخص منفرد عن الاخوان صاحبته الكآبة واستولت عليه الاحزان قد انتحل جسمه وكاد يمحى رسمه فملت اليه وسلمت عليه فاومأ اليّ برد السلام من غير ان ينطق بكلام وصعد الذفرات واسل العبرات فقلت لنفسي لعل هذا عالم لم يرَ لعلمه رواجاً او حكيم لم يجد لدآء الجهل علاجاً او من بيت مجد تغلبت عليه الاوغاد فاصبح غريباً لاماوى لهُ في البلاد او لعله صانع قد اهملت صناعته او تاجر كسدت تجارته او كذا او كذا الخ ولئن كان ممن ذكرتهم فما احوجني الى معرفة احواله فاني ما خرجت في هذا الوقت الا لابحث على امثاله وما زلت الاطنه مع خشييته حتى افاق من غشبته فقلت لهُ يا اخا العرب وغاية الارب ما الذي دهاك وصيرك الى ما اراك ناشدك الانسانية وعزة الوطنية ان تقص علي جميع اخبارك فانك ستجدني ان شاء الله من انصارك لاني اخوك ومعينك وساعدك ومعينك او ما سمعت القائل

وانما الاخوان بالاخوان

والبنان واليد بالساعد

ام لم تحط علماً بالذي قيل

ولا بد من شكوى الى ذي مروة

يواسيك او يسليك او يتوجعُ

فقال حيث اقسمت عليّ وتقربت بلطفك الي فاني اقص عليك قصتي لعلك تفرج عني بعض كربتي

اعلم ايها الاخ العزيز اني كنت من التجار المعتبرين ومكثت مدة من الزمان معززاً بين الاخوان مشهوراً بالصداقة والامانة والعفة والصيانة وغير خاف عليك ما آل امر تجارتنا اليه من الكساد لعدم اقدام الاهالي على بضاعتنا وميلهم الى نمويهات الغير. . . حتى اصبحت تجارتنا اسما بلا جسم ولم يبق لها لاعين ولا رسم ومع كل ذلك فاني كنت ادير اشغالي على قدر امكاني ومن عدم المكاسب وما بها عاداتنا من زيادة المصاريف التي قيدتنا بها عاداتنا الذميمة بعد ان كل رأس مالي نحو العشرة الاف جنيه لم يبقَ الا نحو خمسما