للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ١٥٦ -

لرحمته ومسحت طينه بشوبك الاطلس ونفضت سباخه يمتديلك الحرير حتى ترضيه فيرضى عنك ويخدم الارض بما ينبت فيها غذاء جسمك اللطيف وكسوته وما تحفظ به البلاد ويرد به العدو وتزيد به الثروة وتتقوى به السطوة وتعظم به الامة ويستعين به العالم على علمه والحاكم على نظامه والسائح على بلوغ مقصده

يحمل ثقل الحياة على عاتقه وهو الضعيف في اعيننا الحقير في مجالسنا المظلوم في محاكما البعيد عن مجالس اللذة ومحافل الاداب وما رماه في هذه الوهدة القبيحة وسلط عليه خدمته المتمدنين وتبعته الامراء الا الجهل القبيح.

غاب عنه علم نفسه وشرفها وقدر صنعته وثمرة اتعابه وما يترتب على جهده وما يحدث من اهمالهِ فوقف في الوجود مع رفيقه (الثور) ذاك يخور وذا يصيح ولا يشعر ان بقدر خدمتهما. ومع ماهو فيه من التعب والاشتغال الدائم لايرحمه المتمدن ولا يساعده ولا يرشده ولا يعطف عليه ان باع اليه شيئاً غبنه وان طب منه امراً غشه وان ترافع عنده ظلمه وان رأى عليه وثوبا نهبه وان وجد عنده ثوراً اغتصبه وان رهن عنده مالا نكره وان اقترض منه حجر عليه وان شاركه غالطه وان استأجره اكله وان جاوره طمع في محصوله وان صاحبه غره بالاباطيل وخوفه بالترهات وان استنصحه غشه وضحك عليه وان اسفتاه اضله واغواه

ولا نسج الخيوط ليكتسي بها ولا شيئاً مما نطلبه حياة الانسان. افلا يليق به وهو المربي في المدارس المعاشر للعلماء المصاحب للاجانب ان يسلك مع هذا المسكين طريق النصيحة والارشاد ويعامله معاملة العادل المشفق وينيهه على حقوقه الصغيرة ليعرفها ويهديه لطريقة يحفظ بها ماله ويتمتع بمحصوله ويعلمه من الضروريات ما يميز به بين

الغث والسمين والغليظ والرقيق حتى يتمكن من حفظ حقوقه والقيام بواجباته والسعي في خدمة وطنه وحمايته ووقايته فانهُ لايعلم من الوطن الا غيطه ومع ذلك يطرد منه ولا يعارض ولا يعرف من القارة الا بلده ومع ذلك يجبر على الخروج منه فيخرج بلا تأثر ولا يعقل من المعارف الا الزراعة ويلزم بتركها فيبعد عنها بلا اسف فلا حمية عنده تعرفه قدر الوطن ولا غيرة بحفظ بها الجنس ولا علم يجادل به عن الدين ولا عقل يفكر به في حفظ بلاده

واراك ايها المتمدن فرحاً بجهالة اخيك طمعاً في بقاء ثروتك ودوام خدمته لك ولو كنت عاقلاً لعلمته من العلوم ما يهتدي به في ظلمات الجهالة وتركته يخرج لك من الارض مالم يكن يعلمه من قبل ويوسع في دائرة العمار ما لاتصل اليه افكارك ويحصن البلاد بما لايقوى عليه جهله ويدافع عنها بقوة جاش وحسن لسان ان استبقت خطباء السياسة كان مع المتفرجين وان فتحت ميادين الدفاع كان من السابقين وان اجتمع المخترعون كان