للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٣٧ -

الافتراس مع حقده عليه اخذ حذره واصبح ذا اخلاق حرة وليفة طبعه ولايصاب باذى مادام امنا في حجره ولا يجد في القتال متى غولب عليه

ومن الجأه الانسان الى ذالك لايعد متوحشاً بمعنى متعدٍ ولابمعنى بغير مؤنس فكم معه من نفوس يميل اليها ويعطف عليها وكم حوله من عائلات يراها وتراه وجنود يحمل بها ويدافع فان جنى على انسان فمنه عرف الجناية وان خان حادا فعنه اخذ الخيانة ولو رأينا مولوده يخرج على فطرة ابويه قبل ان يتعلم علمنا ان افعال الانسان من عهد وجوده اثلات في ابويه وجرى هذا في دمائهما وما ولدهما الا خلاصة هذه الدماء الممتزجة بافعال الانسان. فما يفعله الحيوان من الاغتيال بمجرد وقوع نظره على الانسان فهو عاقبة تعدي الانسان الاول على من عاصره واساءته التي توارثها هذا المسكين توارث بعض الامراض حتى

صارت من سجاياه

على انه صاحب الارض وواضع اليد ومختط الديار قبل ان يوجد الانسان وقد تطفل عليه الانسان وتملق اليه حتى سكن دياره وزاحمه فيها وبعد ذلك كافأه بالتضييق عليه وابعاده من المعمور ولو تمكن من فيافيه لاغتصبها واعدم هذا النوع الشريف

وانظر الى بعض الحيوان الذي احتال على الانسان وخضع اليه حتى شاركه في المسكن والمطعم والمشرب وعند امن الانسان منه اخذ يعلمه العداوة ويغريه على ابناء جنسه حتى اخرجه من طوره وصيره مع امثاله في تضاد وتغابر وكان لا يعرف عداوة الجنسية قبل اختلاط بالانسان لمتمدن (هذا معنى يذاق بالمعارف لا بالمغارف) وهذا المسكين في شقاء وان سكن البيوت وسجن وان نام على فرش لينة وعذاب وان جرى خلف الانسان بلا قيد ولارباط الا ان هذا الذي فسدت اخلاقه بمعاشرة الانسان وتغيرت طباعه بالمدينة صار منحوس الطالع لا يمكنه العود الى وطنه للوحشة التي اعترته في الامصار ويستحيل عليه ان يلتحق بالانسان وان تكلم بلسانه وعمل اعماله لمخالفة الخلق وتباين الطبع فكانه صار فيه الوجود قسماً ثالثاً بين الانسان والبهيم وما صيره كذلك والجاءه الى النفور من جنسه والزم الجنس الثاني سكنى الوديان والكهوف الا الانسان

فهل المتوحش فيما من خاف على نفسه من رفيقه فسكن البراري وحصن غابه وبات حذراً من عدوه ام من دار في الوجود لا تسعه ارض ولا يعجبه خلق ولا يريح جنساً ولا يقنع بملك ولو كانت الكرة في قبضته. الحكم في هذا لذوي العقول السليمة ولعلهم لا يعتصبون الى الجنسية ويحكمون بالمسمى (بالعدل) وان لم يترتب على الحكم اثر الان فان الانسان لا يرجع عن البهيم بعد ان تمكن منه والبهيم لا يميل الى الانسان بعد ان تمكنت العداوة وعلم غايته عنده والانسان

وان علم بعض حاله في جانب