للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٥٨ -

بمالنا وتمتعه به. فقال خليها على الله. فقلت له أي معلم لقنك هذه الكلمات التي اماتت همتك واورثتك الجبن والبلاده واضاعت منك جوهر العقل وصيرتك اخس من البهيم واي جبان علمك هذه الالفاظ ولم يقلها نبي ولا صحابي ولا ولي فقد روت. لنا الاخبار كثيراً من افعالهم العظيمة التي دلت على تهذيبهم ومعرفتهم الحقوق وحمايتهم كل ما من شئنه ان ينسب اليهم والله لو ان نبياً كان في مكانك هذا نائماً مستغرقاً وفجأة مثل هذا اللص لنبهه الملك واوحى اليه بصيانة ماله وحفظ حياته

فقال مايصيبك يا ابن آدم الا ماقدر عليك فعلمت ان الرجل جبان فسدت اخلاقه بسوء تربيته ولم يحفظ غير ما تعودت عليه العامة بالالفاظ التي لايتعقلون معناها ولا يعرفون اصل وضعها وعلمت اني ان اتصفت بصفته ضاع خرجي مع ماله فقمت وقبضت على الرجل وكتفته وحسبته في الخزنة فقلت ليه بايها وجلست احفظه. فقال البليد حرام عليك ياشيخ يمكن يكون صاحب عيال والفقر احوجه الى السرقة. قال له اللص وهو داخل الخزنة يا جبان هل وكلك الله بارزاق العباد ام انت الكريم الذي لايبالي بالانفاق ما انطقك بهذه الكلمات الا خوفك وموت همتك وجهلك بما يهديك لحفظ حياتك ومالك ولئن تركني صاحبك وفتح لي الباب ضربتك ضربة قطعت بها اجلك. فقال ربنا يكفينا شرك ياشيخ ثم وضع راسه على الارض وقال توكلت على الله ونام وشخر فرفسته برجلي وقلت لهُ ضيفك يخفرك وانت نائم هلا سهرت معي في حفظ هذا اللص حتى يصبح الصباح وتذهب

به الى الحاكم. فقال اراني لو دافعت عن نفسي وحفظت مالي وصرت قارون زماني لابد ان الموت بعد ذلك وحيث ان اخر الحياة الموت فالانسان يعيش كيفما يعيش وكلها عيشة واخرها الموت ثم تركني ونام

(التبكيت) لو تعلم هذا في صغره وتهذب حتى عرف قدر نفسه وشرف بيته وتربي على افكاره حرة وتلقى اصول دينه على استاذ صادق لاجتمعت فيه معدات الكمال وجرت في عروقه دماء الحماسة وعلم مكابد الاعداء وحيل الماكرين ولم يرض بقول الاغبياء كلها عيشة واخرها الموت

[عادة قبيحة الفناها]

يعلم العاقل ان المعدة بيت الداء ولا يحث فيها الامراض الا الخلط واشتغالها بما تعجز عن هضمه اوما لايهضم رأساً وهي القطب الذي تدور عليه رحي الحياة فيجب حفظها واستعمالها بما تقوى عليه ولا يضر بغيرها من الاعضاء والحواس ولانتمكن من هذا الحفظ الا بترتيب الغذاء وتقديره وكلنا يتمنى الوصول هذه الدرجة ولكن ابت عادة الاغنياء الا اضرارهم مع الفقراء

فقد تعودوا على تكثير اصناف الطعام في الولائم والافراح وجاراهم الفقير في هذا العمل