للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٢٩ - التركيب]

اصطلاحا: يستخدم مصطلح التركيب فى كثير من العلوم والفنون بمعان تتقارب في العمومية، وإن اختلفت من علم لآخر.

١ - فى الكيمياء:

التركيب ضد التحليل، وهو تأليف الكل من أجزائه، كتركيب الماء من الأكسجين والهيدروجين، ويدلنا هذا المثل بذاته على طبيعة التركيب، التى تستلزم قوة ما تجعل من العناصر مركبا فليس اجتماع الهيدروجين والأكسجين بكاف لتركيب الماء وإن كان الماء لا يتركب إلا منهما فحسب، ويمكن فهم التركيب العقلى على نفس النحو على أنه تأليف نتائج مركبة من مبادئ بسيطة، وقد أشار ديكارت فى مقالاته إلى أن التركيب قد يفرض ترتيبا بين الأمور التى لا يسبق بعضها بعضا بالطبع.

٢ - فى الفلسفة:

نجد التركيب عند الفلاسفة المسلمين فى كثير من الأحيان مرادفا للتأليف حيث تُجعل الأشياء المعقدة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ويتميز عنه الترتيب الذى يعنى بالإضافة إلى هذا بالتقديم والتأخير بين العناصر. وعلى هذا يمكن فهم القول بأن التركيب صفة انفعالية زائدة على ذات الأشياء التى قبلت التركيب، على حين أن الوجود هو صفة هى الذات بعينها.

وفى المنطق: يطلق المركب على المؤلف، وعلى حد تعريف ابن سينا فهو الذى يدل على معنى وله أجزاء منها يلتئم مسموعة، والطريقة التركيبية فى المنطق هى انتقال العقل من المعانى والقضايا البسيطة إلى المعانى والقضايا المركبة.

وتعرف الطريقة التركيبية أيضا بأنها انتقال العقل من قضايا يقينية إلى قضايا أخرى لازمة عنها اضطرارا.

وفى تطبيقات المنطق يطلق المصطلح على الطريقة التى يسير عليها الباحث فى الانتقال من الفصول إلى الأصول، أى من الأجزاء إلى الكل، وقيل فى تعظيم شأن هذا المعنى أن يوما واحدا من التركيب يحتاج إلى سنين طويلة من التحليل.

ويطلق مصطلح التركيب أيضا على الرأى الفكرى الذى يجمع بين رأى وضده فى قول جديد يأخذ بأحسن ما فى الرأيين ويمزج أحدهما بالآخر مستعينا على هذا بوجهة نظر أعلى من وجهتى نظر الرأيين.

٣ - فى نظرية المعرفة:

هو جمع تصور إلى آخر أو إلى عدة تصورات، وذلك من أجل تأليف صورة عقلية واحد ة.

٤ - فى علم الصرف:

يطلق التركيب على جمع حرفين أو أكثر بحيث يطلق على اجتماع الحروف معا اسم "الكلمة".

٥ - فى علم النحو:

مقابل للإفراد، فإن كان بين اللفظين إسناد كان التركيب إسناديا، وإن كان أحدهما مضافا والآخر مضافا إليه كان التركيب إضافيا، وان كان أحدهما موصوفا والآخر صفة كان التركيب وصفيا.

٦ - فى الشعر:

يطلق مصطلح "تركيب بند" على منظومة من أقسام، يتراوح عدد أبيات كل قسم بين خمسة أبيات وأحد عشر بيتا، ولكل قسم قافية، والقافية فى المصراعين الأولين هى القافية فى المصراع الثانى من كل بيت، لكن قافية كل قسم تختلف عن قافية الأقسام الأخرى، وإن كان الرَّوِىّ واحدا فى المنظومة كلها، وبعد كل قسم بيت يكرر رويّة فى الأقسام الأخرى وله قافية وحده.

٧ - فى علم النفس:

يطلق التركيب على الفعل الذى يؤلف به الذهن من التصورات والعواطف والنزعات المختلفة كلا عضويا واحدا.

وفى علم النفس التجريبى هو جمع العناصر النفسية الواقعية بحيث تؤلف كلا واحدا.

وينبغى التفريق (فى التحليل النفسى) بين التركيب العقلى الذى يجمع الظواهر الجديدة وينسقها، وبين التداعى الذى يقتصر على استحضار المجموعات السابقة استحضارا غير إرادى.

ويوصف الإنسان بأنه من ذوى العقل التركيبى حين يلتفت إلى الكل دون الأجزاء على حين أن العقل التحليلى لا يفطن إلا إلى الأجزاء.

والحكم التركيبى هو الحكم الذى يكون فيه المحمول زائدا على تضمنُّ الموضوع. والبرهان التركيبى فى الرياضة هو الاستنتاج الرياضى الذى تلزم فيه النتائج عن المبادئ اضطرارا كما فى علم الهندسة الذى تبنى قضاياه على التعريفات والبدهيات والمسلمات والأوضاع.

٨ - فى علم الحيوان:

التركيب يشير إلى التعقيل التكرارى، أى تكرار مجموعة من العناصر المنتمية إلى الأجهزة العضوية الرئيسية للجسم على طول المحور الأمامى الخلفى لجسم، وأكثر ما يحدث فى الحلقيات ومفصلية الأرجل، وينشأ عن التكرار سلسلة من الوحدات تسمى العُقل، تكون متشابهة فى تركيبها ونشأتها أساسيا، وفى دورة الأرض- على سبيل المثال- تكون كل حلقة ظاهرة عقلة، وتشتمل كل عُقلة على أوعية دموية، وتراكيب جلدية، وجهاز عصبى، وأعضاء إخراج ... الخ. ويتكرر هذا "التركيب " فى كل عقلة مع اختلاف طفيف من عقلة إلى أخرى، ومع هذا فإن مبدأ التشابه بين العقلات يكاد يتلاشى فى طوائف أخرى من الحيوانات فتكون- عُقَل الرأس مختلفه عن العقل الأخرى ... وهكذا.

وفى الفقاريات يظهر التعقيل بشكل واضح فى التكوين الجنينى، لكنه يكاد يقتصر على أجزاء الأجهزة العضلية والهيكلية والعصبية فلا يظهر فى البشرة على سبيل المثال.

أ. د/ محمد الجوادى


المرجع
١ - معجم المصطلحات العلمية والفنية- مجمع اللغة العربية- بالقاهرة.
٢ - الفكر العربى والتراث اليونانى إسماعيل مظهر- القاهرة ١٩٢٨ م.
٣ - المنطق وفلسفة العلوم- بول موى- ترجمة د/ محمود قاسم- القاهرة.

<<  <   >  >>