للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٤٥ - الحنفاء]

لغة .. جمع حنيف، والحنَفَ - فى الأصل: هو إقبال القدم بأصابعها على القدم الأخرى - والحنيف هو المائل من خير إلى شر أو من شر إلى خير.

واصطلاحا: هو المسلم الذى يتحنف عن الأديان، أى يميل عنها إلى الدين الحق. وقيل: هو الذى يستقبل قبلة البيت الحرام على دين إبراهيم.

وقيل كل من أسلم لأمر الله ولم يلتو فهو حنيف.

وقال أبو عبيدة فى قوله تعالى: {قل بل ملة إبراهيم حنيفا} (البقرة ١٣٥) قال: من كان على دين إبراهيم فهو حنيف عند العرب. وقال الأخفش: الحنيف، المسلم، وكان يقال فى الجاهلية: من اختتن وحج البيت قيل له حنيف: لأن العرب لم تتمسك فى الجاهلية بشىء من دين إبراهيم غير الختان وحج البيت؛ فكل من اختتن وحج قيل له حنيف. وفى قوله تعالى {حنفاء لله غير مشركين به} (الحج ٣١) قال الضحاك: "حجاجا" وكذا قال السدى. وقيل: الحنيف هو المستقيم، وإنما قيل للمائل الرجل "أحنف " تفاؤلا بالاستقامة. والحنيف فى الإسلام: هو الصحيح الميل إلى الإسلام الثابت عليه.

أما فى الجاهلية: فهو من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويختتن. ومنهم من كان يحرم على نفسه الخمر والسجود للأصنام-

وقد أطلق على هؤلاء اسم "الحنفاء"قبيل بعثة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) ..

وقد تكرر ورود كلمة " حنيف " فى القرآن الكريم للدلالة على أهل الدين الحق الصحيح (يونس ١٠٥؛ الحج ٣١؛ الروم ٣٠؛ البينة ٥) وقد وصف به إبراهيم عليه السلام فى أكثر من موضع؛ كما تقابل الآيات بينه وبينها المشركين، كما فى (سورة آل عمران ٩٥) ويصفه القرآن الكريم أيضا بأنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا- كما فى سورة البقرة {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين} (البقرة ١٣٥) ولعل المراد به الدين الفطرى فى مقابل ما ظهر بعده من الشرك ودين أهل الكتاب المحرف، ولما كان الإسلام قد أحيا دين إبراهيم فإن كلمة "حنيف " قد استعملت بمعنى "مسلم " عند ابن هشام وغيره، وقد جاء فى الحديث: " أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة " أى ملة الإسلام، كما جاء فى الحديث أيضا: " خلقت عبادى حنفاء" أى خلقتهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق ألست بربكم؟ قالوا: بلى.

ويرى بعض الباحثين أن كلمة " حنيف " كلمة دخيلة على العربية، وأنها مشتقة من الكلمة الكنعانية الآرامية "حنف "، ومعناها (المنافق أو الملحد أو الوثنى أو الكافر) - ولكن هذا بعيد للغاية، لأن هذه المعانى بعيدة كل البعد، بل مناقضة تماما لكلمة "حنيف " العربية.

أ. د/ صفوت حامد مبارك


المراجع
١ـ لسان العرب لابن منظور ـ مادة (حنف) بيروت. دار صادر.
٢ـ دائرة المعارف الإسلامية ٨/ ١٢٥ ـ ١٣٠.

<<  <   >  >>