للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٦ - الأسماء الحسنى]

لغة: الاسم مشتق من السمو، أى الرفعة.

واصطهلاحا: الاسم ما دل على الذات. والأسماء الحسنى هى أسماء الله تعالى، التى ارتضاها لنفسه فى كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولذا نرى أن القرآن الكريم قد وصفها بذلك العنوان فى آيات أربع، منها قوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} الأعراف:١٨٠ (١).

وقد ورد كثيرمن هذه الأسماء متفرقا فى القرآن الكريم والحديث الشريف، كما ورد نص فى الحديث على عددها، وهو تسعة وتسعون، فعن أبى هريرة أنه قال (لله تسعة وتسعون اسما لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة) رواه البخارى (٢) وفى رواية أخرى (من أحصاها دخل الجنة).

وزادت بعض كتب السنة - غير البخارى ومسلم - على العدد بيانا تفصيليا يحدد هذه الأسماء (٣)، وإن لم تتفق على قائمة واحدة، واختار الحافظ ابن حجر قائمة الإمام الترمذى التى رواها من طريق الوليد بن مسلم عن أبى هريرة، واعتبرها أقرب الروايات إلى الصحة. وعلى هذه القائمة عوّل غالب من شرح الأسماء الحسنى مثل "الزّجَّاج" فى (تفسير أسماء الله الحسنى) والرازى فى (شرح أسماء الله الحسنى) والبيهقى فى (كتاب الأسماء والصفات)، ونص هذه القائمة كالتالى:

(هو الله الذى لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العَلِىّ الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوى المتين الولى الحميد المحصى المبدئ المعيد المحى المميت الحىّ القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدّم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالى المتعال البر التواب المنتقم العفوّ الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغنى المغنى المانع الضار النافع النور الهادى البديع الباقى الوارث الرشيد الصبور). رواه الترمزى عن أبى هريرة رضى الله عنه (٤).

وقد فتح تعدد الروايات فى أحاديث الأسماء الحسنى بابا أمام العلماء: ليتجادلوا حولها أهى مطلقة العدد، أم محصورة فى تسعة وتسعين؟ ففريق تقيد حرفيا بما ورد فى حديت أبى هريرة السابق، وأطلق فريق آخر العدد قائلا إن هذه الأسماء غير محددة، وأنها تشمل كل ما يليق بذاته المقدسة.

ودليل هذا الفريق، ما يأتى:

١ - تعدد الروايات فى حصر هذه الأسماء.

٢ - أن بعض الأسماء التى وردت فى قائمة الترمذى لم ترد فى القرآن الكريم، مثل: الجليل، والخافض، والرشيد، والصبور، والعدل. كما أن بعض ما ورد فى القرآن الكريم لم يرد فى قائمة الترمذى، مثل: المولى، والنصير، والناصر، والحَفِىّ، والخلاّق، والمدبر، ورب المشرقين، ورب المغربين، والأعلى، والغالب.

٣ - ورود التوقيف بأسماء تزيد على التسعة والتسعين: مثل: السيد، ففى الخبر أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم: ياسيد، فقال: (السيد هو الله تعالى) ومثل: الديّان، والحنّان، والمنّان، فقد كان من دعاء الرسول: (يا حنان، يامنّان) رواه البخارى (٥) ومثل الرفيق، والجميل، ومٌقَلِّب القلوب. ومن آصحاب هذا الرأى ابن عباس، والفخر الرازى، وابن كثير، والغزالى، والقرطبى والبيهقى.

فإذا تبين أن أسماء الله تعالى غير محصورة فى عدد معين، وأن محاولة حصرها كانت مجرد اجتهاد من العلماء، فكيف يُفهَم هذا على ضوء الأحاديث التى نصّت على العدد؟

هناك أكثر من تفسير لهذه الأحاديث، آقربها إلى القبول: أن الكلام لم يتم بقول الحديث: إن لله تسعة وتسعين اسما، وإنما تمامه بقوله: لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، أو: من أحصاها دخل الجنة. وهذا بمنزلة قول أحدهم: إن لمحمد ألف جنيه أعدّها للصدقة، فلا يعنى هذا أنه لا يملك سوى هذه الألف، فكذلك الحديث الشريف لا يعنى آنه ليس لله من الأسماء سوى هذه التسعة والتسعين، وإنما يعنى أن لله آسماء كثيرة تختص تسعة وتسعون منها بأن من أحصاها أو حفظها دخل الجنة. (٦).

وقيل إن تلك الآسماء الحسنى شائعة غير محددة فى أسماء الله تعالى الواردة فى الكتاب والسنة والتى تجاوزت المائتين، وتكون قد أخفيت كما أخفيته ليلة القدرفما العَشر الأواخر من رمضان، وساعة الإجابة فى يوم الجمعة، والصلاة الوسطى فى سائر الصلوات حتى يجد المسلم فى طلب الخيرويَتَشَوّف لفعل كل ذلك، ليوافق الفضيلة الزائدة فى تلك الأشياء.

وقد يرى أن الأسماء الحسنى هى تلك التسعة والتسعون التى وردت فى القرآن الكريم، والتى اجتهدت فى استخلاصها، وأوردها مرتبة حسب جذرها اللغوى هجائيا، كما يلى: (الآخر، الإله، المؤمن، البارئ، البر، البصير، الباطن، التواب، الجبار، ذو الجلال، المجيب، الحسيب، الحافظ، الحفيظ، الحفىّ، الحق، الحكم، الحكيم، الحليم، الحميد، المحيط، الحى، الخبير، الخالق، الخلاّق، الرؤوف، الرب، الرحمن، الرحيم، الرازق الرزاق، الرقيب، السلام، السميع، الشاكر، الشكور، الشهيد، الصادق، الصمد، المصوّر، ذو الطول، الظاهر، ذو المعارج، العزيز، العظيم، العفوّ، العليم، الأعلى، العلى، المتعال، الغفّار، الغفور، الغالب، الغنى، الفاتح، الفتاح، ذو الفضل، القادر، القدير، المقتدر، القدوس، القريب، القاهر، القهار، المقيت، القيوم، ذوالقوة، القوى، الكبير، المتكبر، الأكرم، ذوالإكرام، الكريم، الكفيل، الكافى، الطيف، المتين، المجيد، المالك، مالِك المُلك، المَلِك، المَلِيك، الناصر، النصير، ذوانتقام، المنتقم، النور، الهادى، المهيمن، الأحد، الواحد، الودود، الوارث، الواسع، الوكيل، الولىّ، المولى، الوهّاب، الأول) (٧).

أ. د/أحمد مختار عمر


الهامش:
١ - انظر كذلك الإسراء، ط٨، الحشر ٢٢.
٢ - صحيح البخارى مع فتح البارى، ط دار المعرفة بيروت ١١/ ٢١٤.
٣ - أقدم ما حدد هذه الأسماء من كتب الحديث سنن ابن ماجه، وسنن الترمذى، والمستدرك للحاكم.
٤ - سن الترمذى، وفتح البارى ١١/ ٢٢٠.
٥ - صحيح البخارى ١١/ ٢٢٠ مع فتح البارى، والبحر المحيط لأبى حيان ٤/ ٤٢٩.
٦ - شرح أسماء الله الحسنى للرازى تحقيق طه عبد الرووف سعد - بيروت ١٩٨٤ ص٧٨.
٧ - أسماء الله الحسنى دراسة فى البنية والدلالة أحمد مختار عمر عالم الكتب بالقاهرة ١٩٩٧م ص٤٠.

مراجع الاستزادة:
١ - الأحاديث القدسية ليحيى بن شرف النووى تحقيق/مصطفى عاشور مكتبة القرآن ١٩٨٥م.
٢ - المقصد الأسنى فى شرح أسماء الله الحسنى للغزالى تحقيق /محمد عثمان الخشت القاهرة ١٩٨٥م

<<  <   >  >>