للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٦ - الزمان]

لغة: اسم لقليل الوقت وكثيره، والزمان هو العصر والدهر ويجمع على أزمنة، ويقال أزمن الشىء إذا طال عليه العهد، وأزمن بالمكان إذا طال مقامه به، وأخذوا منه لفظ زمن بكسر الميم إذا أصابته آفة ولازمته فيقال: رجل زمِن بمعنى مريض أو مبتلى ويجمع على زمنى، ويقال أزمن عنى عطاؤك بمعنى أبطأ وبُعد عهدى به فلم يصلنى.

واصطلاحا: الزمان عند الفلاسفة مجموع آنات متتالية (آناً بعد آن) وهو مقدار الحركة التى تقع فيه ولا تجتمع أجزاؤه أبدا ولا توجد أجزاؤه إلا متتاليات، ويتصل طرفه الماضى بطرفه فى المستقبل عن طريق الآن الحاضر.

وهوية هذا المقدار الذى للحركة، هى أنه لحركة مستديرة، ولما كانت الأفلاك فى حركة مستديرة حول الشمس كان تعلق الزمان وتقديره بالحركة المستديرة، ولذلك قيل: إن الزمان هو مقدار الحركة المستديرة من المتقدم والمتأخر دون انقطاع عن طريق الآن الحاضر وصلته بالآن السابق والآن المستقبل، ولأن الحركة المستديرة متصلة لا تنقطع كانت أجزاء الزمان متصلة ولا يتصور الزمان إلا كذلك لأنه يطابق الحركة المتصلة وما طابق المتصل كان متصلا مثله.

ولا ينقسم الزمان إلا بالتوهم ولا انقسام بالفعل أو بالقوة فيكون للآنات نهايات وبدايات عن طريق التوهم فقط.

والزمان ليس حادثا حدوثا زمانيا بل حدوث إبداع بحيث لا يتقدمه مبدعه بالزمان ولا بالمدة بل يتقدمه بالذات، ولو كان للزمان مبدأ زمانى لكان محدثا بعد أن لم يكن، أى بعد زمان متقدم عليه، فيكون بَعْداً لقَبْل غير موجود معه فكان بعد قبل وقبل بعد فيكون له قبل غير ذات الموجود عند وجوده، وكل ما كان كذلك فليس هو أول قبل فليس مبدأ للزمان كله، فالزمان مبدع أى يتقدمه بارئه بالذات فقط لا بالزمان.

والزمان يقال فى مقابل الأزلى وكل ما كان زمانيا ليس بأزلى وكل أزلى لا يتصور أن يكون زمانيا. وهو وسط متجانس الأجزاء غير محدود تمر فيه الأحداث متلاحقة وجزؤه يسمى "مدة".

وعند أرسطو هو مقدار حركة الفلك وهو وعاء للحركة لأن الحركة لابد لها من زمان تقع فيه، والحركة متصلة الأجزاء فيكون الزمان متصلا كذلك، والحركة عند أرسطو قديمة والزمان قديم تبعا لها ويقابله المكان ولما كانت الحركة لا تقع إلا فى زمان ومكان، كان الزمان والمكان قديمين بقدم الحركة.

وعند المتكلمين أن الزمان متجدد معلوم يقدر به متجدد آخر موهوم مثل قولك آتيك عند طلوع الشمس، فإن طلوع الشمس معلوم والإتيان موهوم فإذا قرن الإتيان بطلوع الشمس صار معلوما.

وقيل: الزمان ما به تقدر الحركة.

أ. د/ محمد السيد الجليند


المراجع
١ - النجاة، لابن سينا، دار الآفاق الحديثة- بيروت.
٢ - الإشارات والتنبيهات، لابن سينا، ط دار الكتب المصرية.
٣ - تفسير ما بعد الطبيعة، لابن رشد.
٤ - منطق أرسطو، تحقيق: عبد الرحمن بدوى.
٥ - التعريفات، للجرجانى، ط دار الكتب العلمية- بيروت.
٦ - المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين، للآمدى.
٧ - أساس الاقتباس، للطوسى.
٨ - المعجم الفلسفى، ط مجمع اللغة العربية.
٩ - المعجم الفلسفى- مراد وهبة، ط دار الثقافة.

<<  <   >  >>