للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٠ - السلاجقة]

يطلق مصطلح السلاجقة على مؤسسى الدولة السلجوقية وهى من أهم الدول الإسلامية التي ظهرت على مسرح التاريخ لأنها وجهت سير الأحداث فى المنطقة المعروفة الآن بالشرق الأوسط واشتبكت فى قتال مع الغرب النصرانى ممثلا فى الدولة الرومانية الأمر الذي أدى إلى قيام الحروب الصليبية مما كان له أثره فى تاريخ الشرق والغرب على السواء، وهم مجموعة من القبائل التركية تنتمى فى الأصل إلى طائفة (الأوغوز) استقرت فى إقليم ما وراء النهر في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريين بعد أن أسلمت وحسن إسلامها، ثم انتقلت بعد سنوات قليلة إلى خراسان وكونت جيشا قويا تمكنت به من دخول مدينة نيسابور فى عام (٤٢٩ هـ ١٠٢٧م) فأعلن زعيمها طغرل بك قيام دولة السلاجقة ونادى بنفسه سلطانا على هذه الدولة، ولقد نقل العرب المسلمون إلى أهل تلك البلاد نعمة الإسلام مما ساعد على انتشار الإسلام فى تلك البلاد. وأدى إلى امتزاج الدماء وإلى انتشار اللغة العريية- لغة الدين الحنيف- التى نزل بها القرآن الكريم وقيلت بها الأحاديث النبوية الشريفة، وصار تعلمها لازما لكل مسلم غيرعربى حتى يستطيع تعلم أصول دينه. وكان إسلام الترك نقطة تحول فى تاريخهم فقد أزال الحاجز بينهم وبين المسلمين، كما أزال الحاجز بينهم وبين التاريخ العالمى، فيّسر لهم العيش فى حياة المسلمين والدخول فى خدمة خلفاء المسلمين وسلاطينهم وأمرائهم وقوادهم، ثم واتتهم الفرصة لإقامة دولة تركية مسلمة مجاهدة. وكان قيام دولة السلاجقة حدثا بارزا فى تاريخ إيران والعراق بخاصة، وفى تاريخ العالم الإسلامى بعامة، وكانت موقعة (داندا نقان) (٤٣١ هـ ١٠٢٩م) من المواقع الحاسمة الفاصلة فى تاريخ كل من الغزنويين والسلاجقة لأنها كانت موجهة لتاريخ كل من الدولتين، ولقد أدى انتصار السلاجقة إلى ظفرهم بمغانم كثيرة مادية ومعنوية، فأحكموا بعدها سيطرتهم على خراسان وما وراء النهر، وظفروا باعتراف الخليفة العباسى وقيام دولتهم وأخذوا يستعدون لبسط سلطانهم على إيران والعراق (آسيا الصغرى والشام).

وكانت دولة السلاجقة عند وفاة طغرل بك (٤٥٥ هـ- ١٠٦٣م) دولة قوية راسخة الأركان وكان التنازع على العرش بين أفراد البيت السلجوقى والتنازع على الوزارة بين كبار رجال الدولة مشكلتين تظهران عقب وفاة كل سلطان تقريبا. ثم أخذت الأوضاع تستقر فى الدولة السلجوقية فى أوائل عام (٤٥٧ هـ ١٠٦٤م) وأخذ السلطان آلب أرسلان بمعاونة وزيره (نظام الملك) يرتفع ببناء الدولة وحدد أهداف السلاجقة القريبة والبعيدة وإتفقا على أن تكون أهدافهم القريبة هي تثبيت سلطانهم فى إيران والعراق وأن تكون أهدافهم البعيدة هى بسط نفوذهم على مناطق جديدة حتى. تتسع رقعة دولتهم ورجح السلطان والوزير أن تكون المناطق النصرانية المجاورة لإيران كبلاد الروم بهدف نشر الإسلام فيها، مما رفع من قدر السلاجقة وأكسبهم حب المسلمين جميعا وكانت موقعة (ملاذكرد) فى (٤٦٥ هـ ١٠٧٠ م)، نقطة تحول فى تاريخ غرب آسيا بخاصة، وفى التاريخ الإسلامى عامة لأنها يسرت القضاء على دولة الروم وعلى أكثر أجزاء منطقة آسيا الصغرى، مما ساعد على القضاء على دولة الروم نفسها بعد ذلك على أيدى العثمانيين والتطلع لفتح مصر وإسقاط الخلافة الشيعية. وقد جدد مصرع أآلب أرسلان) (٤٦٥ هـ ١٠٧٢م) النزاع على عرش السلاجقة بين أفراد البيت السلجوقي، غير أن (ملكشاه ابن آلب أرسلان عمل على توسع رقعة الدولة، وتنبيت أقدامها حتى شمل سلطانها بلاد الشام وجزءاَ كبيراً من بلاد الروم وصار لها فروع حتى كرمان والشام ومنطقة آسيا الصغرى، ولقد عين أحد أفراد البيت السلجوقى الأقوياء وهو (سليمان بن قتلمش بن إسرائيل) واليا على بلاد الروم ومؤسسا لفرع جديد من فروع الدولة عرف فى التاريخ باسم سلاجقة الروم، غير أن الدولة السلجوقية برغم بلوغها أوج قوتها لم تسلم ان مواجهة مشاكل مختلفة كان لها أكبر الأثر فى مستقبل هذه الدولة ومن بين هذه المشاكل ظهور الإسماعيلية فى إيران ومصرع الوزير نظام الملك، وموت السلطان ملكشاه.

أ. د/ عزة الصاوى


المراجع
١ - إيران والعراق فى العصر السلجوقى- ا. د. عبدالنعيم حسنين:، دار الكتاب المصرى، القاهرة،١٩٨٢ م.
٢ - الكامل فى التاريخ- ابن الأثير: على بن أحمد بن الكرم- جـ٨،٩ طبعة القاهرة
٣ - الآثار الباقية عن القرون الحالية- البيرونى أبو الريحان مسد بن احمد- طبع ليبزيج ١٨٧٨ م و١٨٧٩ م.
٤ - تاريخ الإسلام: الحافظ شمس الدين أبو عبد لله الذهبى- طبع حيدر اباد الدين ١٣٣٧هـ -الدكن.
٥ - تاريخ الإسلام السياسى والدينى والثقافى والاجتماعي- دكتور حسن إبراهيم حسن جـ٣ - ط٣ - القاهرة- ١٩٥٥ م.
٦ - دائرة المعارف الإسلامية (مادة السلاجقة).

<<  <   >  >>