للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٠ - الاقتصاد الإسلامى]

لغة: من مادة "قصد" قصد فى الأمر: توسط فلم يفرط، واقتصد فى النفقة: لم يسرف، ولم يقتر (كما فى لسان العرب). (١)

الاقتصاد الإسلامى اصطلاحا: هو دراسة ما جاء بالشريعة الإسلامية متعلقا بالاقتصاد فى أقسامها الثلاثة: العقيدة والفقه، والأخلاق، وجاءت كلمة "قصد" ومشتقاتها فى القرآن الكريم فى ستة مواضع، من هذه المواضع:

- {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} لقمان:٣٢.

- {منهم أمة مقتصدة} المائدة:٦٦.

فسّر الزمخشرى مقتصد الواردة فى سورة لقمان بمعنى متوسط (٢) أما مقتصد الواردة فى سورة المائدة، فقال عنها الفخر الرازى: "معنى الاقتصاد فى اللغة الاعتدال فى العمل من غيرغلو، ولا تقصير". (٣)

يشير مصطلح الاقتصاد الإسلامى إلى نوعين من المعرفة: الأول ما يتعلق بالشريعة، الثانى: ما يتعلق بالتحليل الاقتصادى، ويمكن القول أن هذين النوعين من المعرفة يمثلان مرحلتين فى الكتابة عن الاقتصاد الإسلامى ومن ثم فهمه، واستيعابه. فى المرحلة الأولى يتم التعرف على ما جاء بالشريعة، ويكون له ارتباط بالاقتصاد، أما المرحلة الثانية فإنها تتضمن التحليل الاقتصادى لما جاء بالشريعة من أحكام، أو قيم، أو آداب منظمة للأمور الاقتصادية.

والتحليل الاقتصادى يعنى تتبع أمر اقتصادى معين للتعرف على العوامل المؤثرة فيه، ولاستنتاج سلوكه، فمصطلح الاقتصاد الإسلامى: هو تحليل الأمور الاقتصادية التى تنشئها الأحكام الشرعية، وبالإحالة إلى الفقه فإنه يتضمن تحليل الأمور الاقتصادية التى تنشئها الأحكام الفقهية.

فالادخار، والاستهلاك، والاستثمار أمثلة لموضوعات اقتصادية يقوم الاقتصاد الإسلامى بتحليلها فى مجتمع يطبق أحكام الشريعة الإسلامية كأثر الزكاة فى الموضوعات الثلاثة، وكذا أثر الميراث على توزيع الثروة.

وكما يرى الإمام ابن تيمية، فإن تصرفات العباد من الأقوال، والأفعال نوعان، عبادات يصلح بها دينهم، أوجبها الله، ولا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وعادات يحتاجون إليها فى دنياهم، والاقتصاد الإسلامى يدخل فى جانب العادات، والتى تنقسم إلى نوعين: نوع جاءت فيه أحكام ونوع لم ترد فيه أحكام، ومن ثم فإن الاقتصاد به منطقة واسعة تركت للإنسان ليعمل فيها بعقله، وبتجربته، وذلك مشروط بأن تكون فى إطار القيم الإسلامية العامة.

فالتراث الإسلامى فى الاقتصاد جاءت به مساهمات كثيرة تصنف فى المنطقة التى لم ترد فيها أحكام، ومن أمثلة ذلك آراء للجاحظ، وآراء للدمشقى، وآراء لابن خلدون، وآراء للمقريزى، أثبتت الدراسات أن هذه الآراء أنها لا تتعارض مع ما هو مقرر إسلاميا، لذلك فإنها تدخل فى مصطلح الاقتصاد الاسلامى.

فالاقتصاد الإسلامى يسع الآراء الاقتصادية التى قالها المفكرون المسلمون عبر التاريخ، وهذه الاراء لم يثبت الأمر بها بالشرع، وهى لا تتعارض مع ما جاء به الإسلام ككل، كما يشمل نفس الموضوع الآراء التى يقولها المفكرون المسلمون فى العصر الحالى، أو عصور مقبلة.

أ. د/رفعت العوضى


الهامش:
١ - لسان العرب ابن منظور ج٣ دار صادر للطباعة والنشر بيروت ١٩٥٦م.
٢ - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل ووجوه التأويل الزمخشرى دار المعرفة بيروت ٣/ ٢١٦.
٣ - تفسير الفخر الرازى المشتهر بمفاتيح الغيب الفخر الرازى دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ١٩٨١ ١٢/ ٥٠.

مراجع الاستزادة:
١ - مجموع الفتاوى ابن تيمية: جمع وترتيب عبد الرحمن محمد قاسم ج٢٩.
٢ - كتاب التبصرة بالتجارة -الجاحظ: تحقيق حسن حسنى عبد الوهاب- تونس دار الكتاب الجديد ١٩٦٦م.
٣ - الإشارة إلى محاسن التجارة الدمشقى (أبو الفضل جعفر بن على) تحقيق البشرى الشوربجى مكتبة الكيات الأزهرية القاهرة ١٩٧٧م.
٤ - مقدمة ابن خلدون ابن خلدون ط٥ دار القلم بيروت ١٩٨٤م.
٥ - إغاثة الأمة بكشف الغمة المقريزى (تاريخ المجاعات بمصر تحقيق عبد النافع طليمات) دار الوليد سوريا.
٦ - تراث المسلمين العلمى فى الاقتصاد د/رفعت العوضى مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامى جامعة الأزهر ١٩٩٨م.
٧ - أصول الفقه عبد الوهاب خلاف دار القلم الطبعة الحادية عشرة ١٩٧٧م.
٨ - موسوعة المصطلحات الاقتصادية، د/حسين عمر مكتبة القاهرة الحديثة ١٩٦٥م.
٩ - The Enceclopedia Americana، Vol:g، International Edition Grolier Incor

<<  <   >  >>