للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٦ - الطَّلاق

لغة: الحل ورفع القيد، وأصله: طُلّقت المرأة تطلق فهى طالق بدون هاء، وروى بالهاء طالقة. إذا بانت من زوجها (١).

وشرعا: رفع قيد النكاح فى الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه (٢).

والأصل فى الطلاق: أنه ملك الزوج وحده. وقد يقوم به غيره بإنابته، كما فى الوكالة والتفويض، أو بدون إنابة كالقاضى فى بعض الأحوال.

اتفق الفقهاء على أصل مشروعية الطلاق. واستدلوا على ذلك بأدلة، منها:

١ - قوله تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} (البقرة ٢٢٩).

٢ - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق " (٣).

٣ - إجماع المسلمين من زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - على مشروعيته.

لكن الفقهاء اختلفوا فى الحكم الأصلى للطلاق: فذهب الجمهور إلى أن الأصل فى الطلاق الإباحة أوقد يخرج عنها فى أحوال، وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الحظر ويخرج عن الحظر فى أحوال، على كل فالفقهاء متفقون فى النهاية على أنه تعترية الأحكام الخمسة فيكون

واجبا أو مندوبا أو مباحا كما يكون مكروها أو حراما.

وذلك بحسب الظروف والأحوال على ما يلى:

١ - فيكون واجبا كالُمولى إذا أبى الفيئة إلى زوجته بعد والتربص على مذهب الجمهور. ولقوله تعالى: {للذين يؤلونَ من نسائهم تربص أربعة أشهر} (البقرة ٢٢٦).

أما الحنفية: فإنهم يوقعون الفرقة بانتهاء المدة حكمًا، وكطلاق الحكمين فى الشقاق إذا تعذر عليهما التوفيق بيت الزوجين ورأيا الطلاق، عند من يقول بالتفريق لذلك.

٢ - ويكون مندوبا إليه إذا فرطت الزوجة فى حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة ونحوها، وكذلك يندب الطلاق للزوج إذا طلبت زوجته ذلك للشقاق.

٣ - ويكون مباحا عند الحاجة إليه لدفع سوء خلق المرأة وسوء عشرتها، أو لأنه لا يحبها.

٤ - ويكون مكروها إذا لم يكن ثمة داع إليه مما تقدم، وقيل: هو حرام فى هذه الحالة، لما فيه من الإضرار بالزوجة من غير داع إليه.

٥ - ويكون حراما وهو الطلاق فى الحيض، أو فى طهر جامعها فيه وهو الطلاق البدعى.

حكمة تشريع الطلاق: ما قد يوجد فى حياة الزوجين الهانئين ما يثير بينهما القلاقل والشقاق كمرض أحدهما أو عجزه، وربما كان ذلك بسبب عناصر خارجة عن الزوجين أصلا كالأهل والجيران، وربما كان سبب ذلك انصراف القلب وتغيره، فيبدأ بنصح الزوجين وارشادهما إلى الصبر والاحتمال، وبخاصة إذا كان التقصير من الزوجة.

قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} (النساء١٩)

إلا أن هذا الصبر قد لا يتيسر للزوجين آو لا يستطيعانه، فربما كانت أسباب الشقاق فوق الاحتمال، فإما أن يأمر الشرع بالإبقاء على الزوجية مع استمرار الشقاق الذى قد يتضاعف وينتج عنه فتنة، أو جريمة، أو تقصير فى حقوق الله تعالى، أو على الأقل تفويت الحكمة التى من أجلها شرع النكاح، وهى المودة والآلفة والنسل الصالح، وإما أن يأذن بالطلاق والفراق، وهو ما اتجه إليه التشريع الإسلامى، وبذلك علم أن الطلاق قد يتمحض طريقا لإنهاء الشقاق والخلاف بين الزوجين، قال تعالى: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما} (النساء١٣٠).

أ. د/ مصطفى الشكعة


المراجع
١ - المصباح المنير ٢/ ٣٧٦، مختار الصحاح ص ٣٩٦، المعجم الوسيط ٢/ ٥٦٣
٢ - حاشية ابن عابدين ٣/ ٤١٤ وما بعدها، الشرح الكبير للدردير ٢/ ٣٤٧ المغنى لابن قدامة ١٠/ ٣٢٣ وما بعدها، مغنى المحتاج ٣/ ٢٧٩.
٣ - أخرجه أبو داود فى كتاب "الطلاق" باب: فى كراهية الطلاق أبى داود ٢/ ٢٦١

<<  <   >  >>