للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٣ - الظهار]

لغة: مأخوذ من الظهر، لأن صورته الأصلية أن يقول الرجل لزوجته: أنت على كظهر أمى. قيل إنما خص ذلك بذكر الظهر لأن الظهر من الدابة موضع الركوب والمرأة مركوبة وقت الغشيان فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الذى هو ممتنع وهو استعارة فكأنه قال: ركوبك للنكاح حرام عَلىَّ (١).

واصطلاحا: هو تشبيه الرجل زوجته، أو جزءاً شائعا منها أو جزءاً يعبر به عنها بامرأة محرمة عليه تحريما مؤبدا، أو بجزء منها يحرم عليه النظر إليه كالظهر والبطن وا لفخذ (٢).

مشروعية أحكام الظهار: كان الناس قبل الإسلام إذا غضب الرجل على زوجته لأمر من الأمور ولم يرد أن تتزوج بغيره قال لها: أنت علىَّ كظهر أمى، فتحرم عليه تحريما مؤبدا لا تحل له بحال، وتبقى كالمعلقة لا هى بالمتزوجة ولا بالمطلقة.

واستمروا على ذلك فى صدر الإسلام حتى غضب أوس بن الصامت على زوجته خولة بنت ثعلبة فقال لها: أنت علىَّ كظهر أمى فذهبت إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما صنع زوجها فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما أراك إلا قد حرمت عليه "، فقالت أشكو إلى الله فاقتى ووجدى (٣)

فنزل قول الله تعالى: {قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله} (المجادلة ١).

الظهار محرم ولا يعتبر طلاقا، وصرح بعض الفقهاء بأنه من الكبائر لكونه منكرا من القول وزورا، لقوله تعالى: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنّ أمهاتُهُم إن أُمَّهاُتهُمْ إلا اللائى ولدْنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإنَّ الله لعفو غفور} (المجادلة ٢).

أثر الظهار: إذا تحقق الظهار وتوافرت شروطه ترتب عليه الآثار الآتية:

(أ) حرمة المعاشرة الزوجية قبل التكفير عن الظهار، وهذه الحرمة تشمل حرمة الوطء ودواعيه من تقبيل أو لمس أو مباشرة فيما دون الفرج، لقوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا} (المجادلة ٣).

(ب) للمرأة الحق فى مطالبة الزوج بالوطء وعليها أن تمنع الزوج من الوطء حتى يكفر، فإن امتنع عن التكفير كان لها أن ترفع الأمر إلى القاضى وعلى القاضى أن يأمر بالتكفير، فإن امتنع أجبره بما يملك من وسائل التأديب حتى يكفر أو يطلق وهذا عند الحنفية لأن الزوج قد أضر بزوجته بتحريمها عليه بالظهار حيث منعها حقها فى الوطء مع قيام الزواج بينهما (٤).

وعند المالكية: على القاضى أن يأمر الزوج بالطلاق فإن امتنع طلق القاضى عليه فى الحال طلاقا رجعيا، فإن قدر الزوج على الكفارة قبل انقضاء العدة كفر وراجعها (٥).

(ج) وجوب الكفارة على المظاهر قبل وطء المظاهر منها ودواعى الوطء وخصال كفارة الظهار ثلاثة، وهى واجبة على الترتيب:

١ - عتق رقبة.

٢ - صيام شهرين متتابعين.

٣ - إطعام ستين مسكينا.

أ. د/ فرج السيد عنبر


المراجع
١ - المصباح المنير ٢/ ٣٨٨
٢ - مغنى المحتاج ٣/ ٣٥٣، فتح القدير على الهداية ٤/ ٨٥ وما بعدها، حاشية الدسوقى على الشرح الكبير٢/ ٤٣٩، كشاف القناع هـ/ ٣٦٨.
٣ - أخرجه أبو داود فى، كتاب الطلاق، باب فى الظهار، سنن أبى داود ٢/ ٢٧٣ وأخرجه ابن ماجة فى كتاب الطلاق "باب الظهار" سنن ابن ماجة١/ ٦٦٦ -
٤ـ بدائع الصنائع٣/ ٢٣٤.
٥ـ حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ٢/ ٣٣

<<  <   >  >>