للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٣٨ - عموم اللفظ]

لغة: يقال: عمَّ الشىء عموما: شمل، عمَّ القوم بالعطية شملهم، عم الشىء جعله عاما، والعام: الشامل، وهو خلاف الخاص.

ولَفَظَ بالكلام: نطق به، واللفظ: ما يلفظ به من الكلمات، والجمع ألفاظ. كما فى الوسيط (١).

واصطلاحا: العام هو اللفظ الدال على كثيرين، المستغرق فى دلالته لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد (٢).

ومعنى أنه بحسب وضع واحد: ليخرج المشترك، لأن اللفظ المشترك يدل على أكثر من معنى بطريق التبادل، مثل العين فإنها تدل على معان مختلفة ولكن بأوضاع مختلفة.

والألفاظ الدالة على العموم كثيرة من أشهرها (٣).

١ - لفظ "كل وجميع " وهما يفيدان العموم فيما يضافان إليه، كقوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} (المدثر ٣٨).

٢ - المعرف بالإضافة أو بأل الجنسية فى الجموع، كقوله تعالى {حرمت عليكم أمهاتكم.} (النساء٢٣) وكقوله {إن المسلمين والمسلمات} (الأحزاب ٣٥).

٣ - أسماء الاستفهام مثل "من "كقوله تعالى (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا) (البقرة ٢٤٥).

٤ - أسماء الشرط، كقوله تعالى {وما تنفقوا من خير يوف إليكم} (البقرة ٢٧٢).

٥ - الأسماء الموصولة، كقوله تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلكم} (النساء٢٤).

٦ - النكرة الواردة فى سياق النفى أو النهى أو الشرط كقوله (صلى الله عليه وسلم) " لا وصية لوارث ". وقد اختلف العلماء فيما وضعت له صيغ العموم فقيل:-

(أ) إنها وضعت للاستغراق ما لم يدل دليل على التجوز عن وضعها.

(ب) إنها موضوعة لأقل الجمع.

(جـ) إنها مشترك بين الاستغراق وأقل الجمع وما بينهما، والأول رأى الجمهور. وهو الراجح (٤).

والعام ثلاثة أقسام هى:

١ - عام دلالته على العموم قطعية مثل قوله تعالى {وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها} (هود ٦).

٢ - عام يراد به الخصوص قطعا، لقيام الدليل على أن المراد بهذا العام بعض أفراده، كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة} (البقرة ٤٣) فضمير الجماعة فى "أقيموا " من ألفاظ العموم ولكن يراد به بعض المكلفين لا كلهم.

٣ - عام مخصوص وهو العام المطلق الذى لم تصحبه قرينة تنفى احتمال تخصيصه، ولا قرينة تنفى دلالته على العموم، كقوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} (البقرة ٢٢٨) فهو قابل للتخصيص بوضع الحامل لحملها.

وقد اختلف الفقهاء فى دلالة العام، أهى قطعية أم ظنية على قولين:

ذهب بعضهم، ومنهم الحنفية إلى أن دلالته على أفراده قطعية ما لم يخصص، فإذا خصص صارت دلالته على ما بقى من أفراده ظنية.

وقال الجمهور إن دلالة العام على شمول جميع أفراده ظنية لا قطعية مثل التخصيص وبعده (٦).

وشروط المخصص للعام أن يكون مستقلا، ومقاربا فى الزمان، وفى رتبة العام من حيث الظنية والقطعية (٧).

ومن أمثلة التخصيص للعام حديث: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" خصص العموم الوارد فى قوله تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} (النساء٢٤).

وقد اشتهر على ألسنة الأصوليين والفقهاء قولهم "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " ويريدون بهذه العبارة:

أن العام يبقى على عمومه وإن كان وروده بسبب خاص كسؤال أو واقعة معينة، فالعبرة بالنصوص وما اشتملت عليه من أحكام، وليست العبرة بالأساليب التى دعت إلى مجىء هذه النصوص، لأن مجىء النص بصيغة العموم يعنى أن الشارع أراد أن يكون حكمه عاما لا خاصا بسببه، ومن أمثلته: آية اللعان؛ وإن نزلت بسبب واقعة معينة، هى قذف هلال بن أمية زوجته، إلا أنها عامة فى جميع الأزواج إذا قذفوا زوجاتهم (٨).

(هيئة التحرير)


المراجع
١ - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ٢/ ٦٥٢، ١/ ٨٦٥ دار المعارف، ط ٣، القاهرة.
٢ - أصول الفقه، محمد أبو زهرة ص ١٤٥ دار الفكر العربى القاهرة.
٣ - أصول التشريع الإسلامى، للأستاذ/ على حسب الله ص ٢٧١ وما بعدها دار المثقف العربى ط ٦، ١٩٨٢ م.
٤ - أصول التشريع الإسلامى ص ٢٧٣.
٥ - الوجيز فى أصول الفقه عبد الكريم زيدان ص ٣٢١.
٦ - السابق ص ٣١٧.
٧ - أصول الفقه ص ١٥١.
٨ - الوجيز فى أصول الفقه عبد الكريم زيدان ص ٣٢٤.

مراجع الاستزادة:
١ - إعلام الموقعين لابن قِم الجوزية مطبعة السعادة، مصر.
٢ - الموافقات فى أصول الشريعة، لأبى إسحاق الشاطبى مطبعة المكتبة التجارية.

<<  <   >  >>