للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٤٧ - الإمامة]

لغة: من مادة (أمّّ) بمعنى قصد، وأمهم: تقدمهم، فهى تفيد معنى التقدم والقصد إلى جهة معينة.

واصطلاحا: الهداية والإرشاد، والأهلية لأن يكون المرء قدوة.

وهناك آيات عديدة فى القرآن الكريم وردت فيها هذه المادة، يستنبط من مجموعها أن الإمامة هى كل نظام تكون دعامته العمل وفق شريعة سماوية، وإذا أطلقت كلمة "إمامة" فإنها تعنى القيادة الشاملة أو الإمامة الكبرى بمعنى رئاسة الدولة، أما إذا أريد بها إمامة الصلاة، فإنها عندئذ تسمى الإمامة الصغرى "ويشير ابن حزم فى الفصل ٤/ ٩٠" إلى أن هذه الكلمة قد يراد بها أيضا معنى من المعانى الخاصة، وعندئذ فلابد من إضافة اللفظ إلى ما يدل على ذلك، فيقال فلان إمام فى الدين .. وإمام بنى فلان .. إلخ.

أما "ابن خلدون" فيقرر أن إطلاق لفظ الإمامة الكبرى أو العظمى على متولى قيادة الدولة الإسلامية تشبيها لها بإمامة الصلاة، فإمام الصلاة تجب علينا متابعته والاقتداء به وكذلك الحال بالنسبة للإمامة الكبرى أو العظمى.

ولعل من المفيد أن نشير إلى أن طائفة الشيعة هم الذين بدأوا البحث فى علم الإمامة، ومن ثم هم الذين اختاروا مصطلحاته، وهم الذين أفردوا له مكانا بين مباحث علم الكلام الإسلامى، وكانت هذه المباحث والمصطلحات المتعلقة بالإمامة نتيجة للمناقشة بين هؤلاء الشيعة وبين مخالفيهم من الخوارج والمعتزلة وأهل السنة، وإذا كانوا هم الذين بدأوا، فإنه من الطبيعى أن تكون كلمات هذا العلم الفنية من وضعهم، ومضى خصومهم يجادلونهم بنفس لغتهم.

ومصطلح "الإمامة" عند الشيعة أخص وأكمل من مصطلح "الخلافة" لأن الإمامة عندهم لا تعنى إلا صاحب الشرع المنصوص عليه المعين من قبل من سلفه، سواء تولى السلطة بالفعل أم لم يتول، أما "الخلافة" فتشير إلى صاحب السلطة الزمنية أو الواقعية ولو لم يكن صاحب حق وقد يؤيد الحق مركزه الواقعى، وعندئذ فإنه يتساوى مع الإمام.

وهذا هو السبب فى أن الشيعة يخصون "عليا" -كرم الله وجهه- بلقب الإمام كما خصوا به كل من يسوقون إليه منصب الإمامة من بعده، فالحسن بن على وجعفر الصادق كلاهما إمام حتى لو لم يتول منصب رئاسة الدولة الاسلامية بالفعل، ومعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه خليفة وليس إماما لأنه تولى السلطة الزمنية، وإن لم يكن صاحب حق أو سلطة روحية.

والإمامة عند الشيعة تثبت بالنص، لأنها من أصول الدين التى لا ينبغى أن تترك لأحاد الأمة التى تفوض إلى نظر الأمة، ويتعين القائم بها بتعيينهم، بل هى ركن الدين وقاعدة الاسلام، ولا يجوز لنبى إغفاله ولا تفويضه الى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم ويكون معصوما من الكبائر والصغائر.

فالإمامة إذن امتداد للنبوة، ومهام الإمام هى نفسها مهام النبى إن لم تكن أوسع وأشمل.

ولا تتفق بقية الفرق الإسلامية مع وجهة نظر الشيعة هذه، فالإمام -عند معظمها- أنما تختارة الأمة الإسلامية ممثلة فى أهل الحل والعقد أو أهل الاختيار، ويكون اختيارها من بين من تتوافر فيهم شروط الإمامة من سداد الرأى والشجاعة، والالتزام بالوفاء لشرع الله -عزوجل- وأن يكون من يتولى قرشيا -عند البعض- وهؤلاء يردون على المخالفين ويبطلون أدلتهم بما لا مجال لعرضه هنا.

أ. د/عبد الله محمد جمال الدين


مراجع الاستزادة:
١ - الفصل فى الملل والأهواء والنحل ابن حزم نشر الخانجى بمصر سنة ١٣٢١هـ.
٢ - المقدمة ابن خلدون القاهرة ١٩٦٦م.
٣ - موسوعة السياسية الإسلامية عبد للوهاب الكيالى وآخرون ط٧ القاهرة، سنة ١٩٧٩م.
٤ - القاموس الإسلامى أحمد عطية الله: أجزاء القاهرة ١٩٦٣م.
٥ - النظريات السياسية الإسلامية د/محمد ضياء الدين الريس الطبعة السابعة القاهرة ١٩٧٩م.
٦ - نظام الحكم فى الشريعة والتاريخ ظافرالقاسمى: جزءان بيروت ١٩٧٤م.
٧ - نظام الدولة فى الإسلام د/عبدالله محمد جمال الدين ط٢ القاهرة سنة ١٩٩٠.
٨ - دائرة المعارف الإسلامية مادة "إمامة"

<<  <   >  >>