للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٦ - الفداء]

لغة: فَدَيتهُ فدىّ وفداء وافتديته، وهذا يدل على البذل من النفس والمال لتخليص الآخرين، وقال الشاعر:

فلو كان ميت يفتدى، لفديته * بمالم تكن عنه النفوس تطيب (١).

وإنه لحسن الفدية. والمفاداة: أن يرد أسر اليد ويسترجع منهم من فى أيديهم، كأن يدفع رجلا ويأخذ رجلا.

والفداء: أن يشتريه، يقال: فديته بمالى فداء، وفديته بنفسى. قال تعالى: {وإن يآتوكم أسارى تفادوهم} البقرة:٨٥.

وافتدى: قدم الفدية عن نفسه. يقول الله تعالى فى شأن الذين ظلموا أنفسهم بالشرك وخصاله، وظلموا غيرهم بالعدوان عليهم: {ولو أن للذين ظلموا ما فى الأرض جميعا ومثله معه لا فتدوا به} الزمر:٤٧، فما يرونه من أهوال القيامة يهون معه أن يقدموا مافى الأرض ومثله لوكانوا يملكونه ولكن يبقى هذا فى دائرة الأمانى ويقول الله تعالى: {يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه} المعارج:١١، فإن الله لا يقبل منهم هذا يقول الله تعالى: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به} آل عمران:٩١.

واصطلاحا: ما يقدم من مال ونحوه لتخليص المفدى. يقول الله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} الصافات:١٠٧، أى جعلنا الذبح فداء له، وخلصناه من الذبح.

والفداء والفدية: فيما يقى به الإنسان نفسه من مال يبذله فى عبادة. قصر فيها، ككفارة الصوم، والحلق ولبس المخيط فى الإحرام، فيقول الله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} البقرة:١٨٤، ويقول سبحانه: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} البقرة:١٩٦.

وافتدت: اختلعت. يقول الله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} البقرة:٢٢٩.

والخلع: طلاق يعوض بلفظ الخلع أو الطلاق أو مافى معناهما، ويجوز الخلع على كثير المال وقليلة (٣).

والفدائى: المجاهد فى سبيل الله، مضحيا بنفسه، والفدائية: عمل الفدائى. ويعد هذا المفهوم بهذه الدلالات ثمرة من ثمرات العقيدة الإسلامية والعبادات ومظهرا من مظاهر الأخلاق وحسن المعاملات فى الإسلام، حيث يطهر القلب من الأثرة وحب الذات فيفكر فى غيره من الناس، فإن وجد غيره مكبلا بقيود الرق بذل من ماله ليفك قيده وأسره وإن دعاه الواجب لرفع كلمة الله فى حياة الناس كان فدائيا فى بذل لنفسه وماله وإن اتجه بالتفكير فى نفسه فإنما ينظر إليها نظرة الناقد البصير ليفتديها من عذاب يوم القيامة حتى لاتهلك فيه.

وإن لم تطب الحياة للزوجة مع زوجها كان هذا العطاء منها لزوجها، إنهاء لحياة زوجية غير صالحة.

كما يدل مفهوم الفداء على سبيل المحبة وتقويتها بين الناس عندما يسمع بعضهم من بعض عبارة: (فداك نفسى) أو (فداك أبى وأمى) أو (بأبى أنت وأمى) وقد خوطب النبى صلى الله عليه وسلم بهذه المعانى من أصحابه رضوان الله عليهم.

أ. د/محمد رأفت سعيد


الهامش:
١ - لسان العرب، لابن منظور، مادة (ف. د. ى) ١٥/ ١٤٩.
٢ - موسوعة فقه عمر ص٣٠٢.

مراجع الاستزادة:
١ - المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية الجزء الثانى ط المكتبة العلمية طهران.
٢ - كتاب التعريفات للجرجانى ط مكتبة لبنان بيروت.
٣ - المفردات فى غريب القرآن للراغب الأصفهانى ط دار المعرفة بيروت تحقيق محمد سيد كيلانى.
٤ - موسوعة فقه عمربن الخطاب د/محمد رواس قلعجى ط١ مكتبة الفلاح.
٥ - النهاية فى غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ج٣ ط دار إحياء الكتب العربية

<<  <   >  >>