للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٨ - فقه اللغة]

اصطلاحاً: أطلقت هذه التسمية فى مجال الدراسات العربية القديمة على كل ما يخصُّ الدرس اللغوى، ووضع لها الأوربيون مصطلحاً Philologie وأصل الكلمة مركب من Logost philos أى حب اللغة الذى يدفع إلى علمها أو فقهها.

ويشيع فى مجال الدراسات اللغوية مصطلحان هما: علم اللغة، وفقه اللغة، وقد غلبت التسمية الأولى حديثا على فروع الدراسات اللغوية فى مقابل المصطلح الأجنبى: Linguistique الذى تنضوى تحته عدة مصطلحات دالة على المواد التى يدرسها المتخصصون فيها، كعلم الأصوات Phonetique وعلم الأصوات التشكيلى Phondogie، وعلم الدلالة sémantique الخ:

ولا شك أن كلا المصطلحين: (علم اللغة وفقه اللغة) قديم الاستعمال فى الثقافة العربية، ولم يكن القدماء يفرقون بين مفهومى العبارتين، فقد ورد كلاهما فى عناوين المؤلفات اللغوية مثل: (الصاحبى فى فقه اللغة وسنن العرب فى كلامها) لأحمد بن فارس (ت ٣٨٥ هـ)، ومثل: (فقه اللغة) لأبى منصور الثعالبى (ت ٤٢٩ هـ) وهو معدود فى معاجم المعانى، وجاء كذلك كتاب (المزهر فى علوم اللغة وأنواعها)، وهو أحدث من سابقيه ظهورا، فقد ولد السيوطى (سنة ٨٤٩هـ)، وتوفى سنة (٩١١ هـ)، ويؤخذ من سلوك القدماء تجاه مصطلح فقه اللغة أنهم يقصدون به كل ما يتصل باللغة ماعدا الأصوات والصرف والنحو غالبا، ومن أبرز ما وصل إلينا معبرا عن هذا الاتجاه كتاب (الخصائص) لأبى الفتح عثمان بن جنى

فأما المحدثون فقد ضيقوا مفهوم (فقه اللغة)، حيث تعاملوا من خلال المفهوم الغربى لمصطلح Philologie، وهى كلمة إغريقية تعنى على الترتيب:

١ - معرفة الأدب الجميل ودراسة نصوصه.

٢ - دراسة لغة معينة بالتحليل النقدى لنصوصها، وكان الرومان والجرمان فى القرن التاسع عشر يحصلون على شهادات فى النمو والفيلولوجيا.

٣ - الدراسة الشكلية للنصوص فى المخطوطات، وهو ما نطلق عليه (تحقيق النصوص).

ولا مانع من أن يقصد مصطلح (فقه اللغة) هذه الأبواب من المعرفة اللغوية والأدبية، فهى داخلة فى مفهوم فقه العربية الشامل لغة ونصا وتحقيقا.

ويعتبر أصحاب المعاجم كالخليل، والأزهرى، وابن دريد، وابن سيده، وابن منظور، والفيروز آبادى وغيرهم من أفقه العلماء باللغة، وكذلك علماء اللغة كسيبويه، والكسائى، والفراء، والأخفش، وابن جنى، وأبى على الفارسى، وغيرهم من أصحاب المصنفات اللغوية.

وعلى نفس الدرب نجد جمهرة مفسرى القرآن، والحديث؛ لأن معالجة نصوصهما تحتاج إلى مستوى من المعرفة الشاملة، وهو ما تميز به علماء السلف الذين رفعوا لواء المعرفة الإسلامية فى كل العصور.

أ. د/ عبد الصبور شاهين


المراجع
١ - الخصائص- ابن جنى، تحقيق محمد على النجار- بيروت عن طبعة دار الكتب المصرية ط ٢ (د- ت).
٢ - الصاحبى فى فقه اللغة: ابن فارس- تحقيق مصطفى الشويحى- ط بيروت سنة ٩٦٣ ام.
٣ - فصول فى فقه العربية- رمضان عبد التواب- ط ١ سنة ١٩٧٣م.
٤ - فى التطور اللغوى- عبد الصبور شاهين- مكتبة الشباب سنة ٩٨١ام
٥ - علم اللغة العربية- محمود فهمى حجازى- وكالة المطبوعات- الكويت سنة ١٩٧٣ م
٦ - العربية- يوهان فك- ترجمة عبد الصبور شاهين- ط الكاثوليكية- بيروت سنة ١٩٦٥ م

<<  <   >  >>