للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٠ - المذاهب (الفقهية)]

لغة: ذهب مذهب فلان: قصد قصده وطريقته، وذهب فى الدين مذهبا: أى رأى فيه رأيا (١).

واصطلاحا: لا يخرج المعنى الاصطلاحى عن ذلك المعنى اللغوى.

وحكم الاجتهاد فى الإسلام مشروع، فقد اجتهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يجدوا فيه نصا، وكذلك اجتهد التابعون ومن بعدهم فى الحوادث التى عرضت لهم مما لم يجدوا فيه نصا من الكتاب أو السنة فنشأ عن هذا الاجتهاد اختلاف فى الرأى، ثم زاد هذا الاختلاف بعد الفتنة التى أدت إلى مقتل سيدنا عثمان ثم الإمام على رضى الله عنهما، فكان أن انقسم المسلمون إلى طوائف ثلاثة: شيعة، وخوارج وأهل السنة.

وكان السبب الرئيسى لاختلافهم هو الخلافة والأحق بها، وما صاحبها من التحكيم فى النزاع بين الإمام على ومعاوية فكان لكل طائفة رأى يخالف رأى غيرها، وحاولت كل فرقة أن تعمل لنصرة مبادئها، فتولد عن ذلك اختلاف آخر فى بعض الأحكام العملية، مما أدى إلى وجود فقه للخوارج وآخر للشيعة، وثالث لأهل السنة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى وجود اختلاف بين كل طائفة، فتعددت المذاهب الفقهية.

والمذاهب الفقهية كثيرة ومتعددة منها ما اشتهر وكتب له البقاء، ومنها ما لم تدون فيه مراجع خاصة به كمذهب الإمام الليث بن سعد، والإمام ابن جرير الطبرى، والإمام الأوزاعى وغيرهم، أما المذاهب المشهورة والتى لها ذيوع وانتشار فهى ثمانية مذاهب وهى: المذهب الإمامى والمذهب الزيدى وهما لطائفة الشيعة، والمذهب الإباضى وهو لطائفة الخوارج، والمذهب الظاهرى، ومذاهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وهى لأهل السنة والجماعة. (٣).

والمذهب الشيعى الإمامى وهو لبعض الشيعة، وهم الذين يعتقدون أن الرسول أوصى بالخلافة لعلى بالذات ثم من بعده لولده، وأن الأئمة معصمون من الخطأ ... الخ، فهم يختلفون مع أهل السنة فى كثير من الفروع والأحكام، فضلا عن إنكارهم القياس وينتشر هذا المذهب فى إيران والعراق، والهند (٤).

والمذهب الشيعى الزيدى: فهو لطائفة ينتسبون إلى زيد بن على زين العابدين بن الحسين، ومن مبادئهم أن الإمامة لا تكون بالنص عليها -كما يقول الإمامية- وإنما تكون لكل فاطمى عالم زاهد شجاع فى الحق. والزيدية أعدل فرق الشيعة فى تعاليمها، ومع ذلك فقد خالفوا فقه أهل السنة فى كثيرمن الفروع والأحكام، ولهم كتب كثيرة منها المجموع المنسوب للإمام زيد، وشرحه الروض النضير، وأتباع هذا المذهب موجودون الآن فى بلاد اليمن، وقد تشعب هذا المذهب إلى شعب منها: القاسمية والناصرية والهادويه (٥).

والمذهب الإباضى: وهو مذهب طائفة معتدلة فى الخوارج وهو منسوب إلى عبد الله بن إباضى الذى توفى سنة ٨٠هـ، وهم يرون أن الخلافة تكون بالاختيار الحر من المسلمين، وهذا المذهب يتفق فى كثيرمن الفروع مع أهل السنة، وإن خالفوهم فى بعض الأحكام، ومن أهم كتب هذا المذهب كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف بن أطفيش، وينتشرهذا المذهب فى بعض بلاد المغرب العربى، وكذلك سلطنة عمان (٦).

والمذهب الظاهرى: ومؤسسه أبو سليمان داود بن على الأصفهانى، وهذا المذهب يعتمد على ظواهر النصوص من القرآن والسنة، ويترك كل أنواع الرأى والقياس، ومن علماء هذا المذهب أبو على محمد بن حزم، والذى له كتاب "المحلى" فى الفقه، وكتاب "الإحكام فى أصول الأحكام" فى أصول الفقه. (٧)

المذهب الحنفى: هو من مذاهب أهل السنة أسسه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة ١٥٠هـ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع، وقول الصحابى فيما ليس للاجتهاد فيه مجال ثم القياس والاستحسان، وهذا المذهب له كتب كثيرة مشهورة ومعروفة، وينتشر هذا المذهب فى العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان وتركيا ومصر (٨).

المذهب المالكى: ومؤسسه إمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحى المتوفى سنة ١٧٩هـ، ويعتمد هذا المذهب أيضا على الكتاب والسنة والإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، والعمل بالمصالح المرسلة. وهذا المذهب أيضا له كتب كثيرة ومشهورة، وينتشر فى صعيد مصر والسودان والكويت وقطر والبحرين وبلاد المغرب العربى كلها (٩).

المذهب الشافعى: وهو من مذاهب أهل السنة أيضا، أسسه الإمام محمد بن إدريس الشافعى المتوفى سنة ٢٠٤هـ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة والإجماع، فقول الصحابى ثم القياس، وللإمام الشافعى كتاب فى الفقه وهو "الأم" وكتاب آخر فى الأصول وهو "الرسالة" ويعد به الشافعى أول من دون فى علم الأصول وكتب المذهب كثيرة، وينتشر بالوجه البحرى بمصر وفلسطين وحضرموت وأندونيسيا (١٠).

المذهب الحنبلى: وهو من مذاهب أهل السنة، أسسه الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى المتوفى سنة ٢٤١هـ، ويعتمد هذا المذهب على الكتاب والسنة وفتاوى الصحابة المتفق منها والمختلف، فالحديث المرسل، فالقياس، ولهذا المذهب كتب كثيرة مشهورة وينتشر هذا المذهب فى السعودية.

أ. د/على مرعى


الهامش:
١ - المصباح المنير للفيومى مادة (ذهب).
٢ - المدخل فى التعريف بالفقة الإسلامى أ. د/محمد مصطفى شلبى، ط١، مطبعة دار التأليف سنة ١٩٦٢م ص١٢١، تاريخ الفقه الإسلامى د/محمد أنيس عبادة، ط١ دار الطباعة المحمدية ٢/ ٤ ومابعدها.
٣ - المدخل فى التعريف د/محمد مصطفى شلبى، من ص١٢١ - ١٦٤.
٤ - المدخل للفقه الإسلامى د/حسن على الشاذلى ص٤٠٢ ط١ دار الاتحاد العربى.
٥ - السابق ص٤٠٨ وما بعدها، تاريخ التشريع الإسلامى د/إبراهيم الدسوقى الشهاوى ط١ الطباعة الفنية المتحدة ص٢٢٦ وما بعدها.
٦ - المدخل فى التعريف د/محمد مصطفى شلبى، ص١٢٣ والسابق ص٢٣٨ ومابعدها.
٧ - المدخل للفقه الإسلامى د/حسن على الشاذلى، ص٣٩٩.
٨ - الفكر السامى فى تاريخ الفقه الإسلامى لمحمد بن الحسن الحجوى الثعابى ط١ إدارة المعارف الرباط ٢/ ١١٩ ومابعدها.
٩ - السابق: ٢/ ١٥٥ ومابعدها.
١٠ - السابق ٢/ ١٧٢ ومابعدها، تاريخ الفقه د/محمد أنيس عبادة ص٢٦ ومابعدها.
١١ - المدخل فى الفقه الإسلامى د/محمد مصطفى شلبى ص١٥٨، ص١٦٠، المدخل للفقه الإسلامى د/حسن على الشاذلى ص٣٩٣ ومابعدها

<<  <   >  >>