للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٥٨ - الأندلس]

هو الاسم الذى يطلق على ما كان بأيدى المسلمين من شبه جزيرة إيبريا (إسبانيا والبرتغال اليوم)، الواقعة فى أقصى الجنوب الغربى من القارة الأوروبية. واسم "الأندلس" تعريب للفظ الوندال Vandalos إحدى القبائل القوطية التى حكمت البلاد منذ أوائل القرن الخامس الميلادى. وقد فتح المسلمون هذه البلاد بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة ٩٢هـ-٧١١م فى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك.

وينقسم تاريخ الأندلس إلى سبعة مراحل:

١ - فترة الولاة التابعبن للخلافة الأموية ٩٢ - ١٣٨هـ ٧١١ - ٧٥٦م:

تعاقب على حكم الأندلس فيها نحو عشرين واليا، وتم خلالها انتشار- الإسلام وتعريب البلاد، رغم نشوب حروب أهلية ترتب عليها انسحاب المسلمين الذين استوطنوا شمال البلاد وبدء حركة المقاومة المسيحية هناك.

٢ - فترة الإمارة المستقلة ١٣٨ - ٣١٦هـ ٧٥٦ - ٩٢٩م:

بدأت بقدوم عبد الرحمن بن معاوية الداخل وتجديد الدولة الأموية بعد انهيارها فى المشرق بأيدى العباسيين. فاستقل عبد الرحمن (صقر قريش) بالأندلس وأورث الإمارة نسله بعده. ومن أعظم أمراء هذه الفترة عبد الرحمن بن الحكم الأوسط ٢٠٦ - ٢٣٨هـ ٨٢٢ - ٨٥٢م الذى إليه الفضل فى توطيد الحكم الإسلامى وفى عدد من المنجزات الحضارية والعمرانية والثقافية.

٣ - عصر الخلافة (٣١٦ - ٤٢٢/ ٩٢٩ - ١٠٣١):

فى سنة ٣٠٠هـ ٩١٢م ولى حكم الأندلس عبد الرحمن بن محمود، وكان الضعف قد دبّ فى دولة سلفه وجده الأمير عبد الله بسبب الثورات الداخلية، فتمكن عبد الرحمن من إعادة السلام والوحدة إلى البلاد، وما زال ينهض بالأندلس حتى أصبحت على جانب كبير من القوة والرخاء، وحينئذ أعلن نفسه خليفة وأميرا للمؤمنين، واتخذ لقب "الناصر لدين الله" متحديا بذلك الخلافتين العباسية والفاطمية، ويعد عصر الخلافة الذى امتد حتي نهاية القرن الرابع الهجرى أزهى عصورالحضارة الأندلسية فى جميع الميادين. وخلف الناصر ابنه الحكم المستنصر الذى اهتم بالثقافة والعلوم، وبعده الحاجب المنصور بن أبى عامر الذى فرض هيمنته على كل شبه الجزيرة.

٤ - فترة ملوك الطوائف ٤٢٢ - ٤٨٤هـ ١٠٣١ - ١٠٩١م:

فى سنة ٣٩٩هـ ١٠٠٨م اندلعت الفتنة أى الحرب الأهلية بين الفئات المتنازعة على السلطة لمدة ربع قرن، أعلن بعدها إلغاء الخلافة وقيام ما يعرف بدول الطوائف، إذ استقل حكام الولايات بأعمالهم، ونشبت بينهم حروب انتهت بإضعاف دولة الاسلام، حتى تمكن ألفونسو السادس ملك قشتالة (أقوى ممالك إسبانيا المسيحية) من الاستيلاء على طليطلة ٤٧٨هـ ١٠٨٥م، وإزاء عجز ملوك الطوائف وتواكلهم استنجد الشعب الأندلسى بأمير المرابطين يوسف بن تاشفين الذى كان قد أنشأ فى المغرب دوله إسلامية قوية، فدخل الأندلس وهزم الملك ألفونسو فى معركة الزَّلَاّقة ٤٧٩هـ/١٠٨٦م، وبعد ذلك بخمس سنوات قام بخلع ملوك الطوائف وضم الأندلس إلى ملكه.

٥ - دولة المرابطين ٤٨٤ - ٥٤١هـ ١٠٩١ - ١١٤٧ م:

حكم المرابطون الأندلس وجاهدوا فى الحفاظ على ما بقى بأيدى المسلمين من البلاد، ولكن جهودهم لم تحل دون سقوط "الثغر الأعلى" (سرقطة وما حولها) فى يد ألفونسو الأول ملك أرغون (وهى مملكة مسيحية أخرى) فى ٥١٢هـ ١١١٨م. ونشبت فى أواخر عهدهم ثورات فى الأندلس، وفى المغرب واجهوا ثورة أخرى أخطر قام بها محمد بن تومرت المهدى زعيم دولة الموحدين وخلفه عبد المؤمن بن على وبمصرع تاشفين ابن على انهارت دولة المرابطين.

٦ - دولة الموحدين ٥٤١ - ٦٤٥هـ ١١٤٧ - ١٢٤٧م:

ورث الموحدون عبد المؤمن وخلفاؤه دولة المرابطين بالمغرب والأندلس وظل ملكهم قويا متماسكا فى ظل الخلفاء الثلاثة الأوائل، وأحرزوا على نصارى الشمال نصرا كبيرا فى موقعة الأرك ٥٩١هـ ١١٩٥م، ولكن الهزيمة حاقت بهم بعد ذلك فى معركة العقاب (٦٠٩هـ ١٣١٣م) التى تهاوت بعدها الحواضر الأندلسية واحدة بعد أخرى فى الشرق والوسط والغرب.

٧ - دوله بنى الأحمر ٦٤٥ - ٨٩٧هـ ١٢٤٧ - ١٤٩٢م:

لم يبق بأيدي المسلمين منذ منتصف القرن السابع الهجرى إلا مملكة غرناطة الصغيرة التى تبلغ مساحتها نحو عشر شبه الجزيرة، ومع ذلك فقد استطاع ملوكها من بنى الأحمر الحفاظ على دولتهم نحو قرنين ونصف قرن، ولكن النزاعات الداخلية بين آخر ملوكهم والحملات النصرانية ضدهم وتقاعس البلاد الاسلامية المجاورة عن نجدتهم؛ كل ذلك أدى إلى انهيار دولتهم، فسقطت غرناطة فى أيدى الملكين الكاثوليكيين ٨٩٧هـ ١٤٩٢م.

وأصبح مسلمو الأندلس الذين دُعوا "بالموريسكيِّين" خاضعين للسلطة المسيحية التى تعقبتهم بكل ضروب الاضطهاد حتى انتهى الأمر بطرد مئات الآلاف منهم إلى خارج إسبانيا بين ١٠١٨ - ١٠٢٣هـ ١٦٠٩ - ١٦١٤م.

وعلى الرغم من ضعف الدولة الأندلسية المتزايد فإن الشعب الأندلسى استطاع أن يحقق منجزات حضارية وثقافية وفنية بالغة الأهمية، مثل مسجد قرطبة الجامع وقصور إشبيلية وحمراء غرناطة، كما كان للحضارة الأندلسية فضلها الكبير على إسبانيا وعلى النهضة الأوربية.

د/محمود على مكى


مراجع الاستزادة:
١ - نفح الطيب للمقرى، تحقيق إحسان عباس، بيروت ١٩٦٨م.
٢ - دولة الإسلام فى الأندلس لمحمد عبد الله عنان، القاهرة ١٩٦٦م.
٣ - تاريخ إسبانيا الإسلامية لليفى برفنسال (بالفرنسية)، باريس، ١٩٥٠ - ١٩٥٣م.
٤ - تاريخ الفكر الأندلسى، ترجمة حسين مؤنس، القاهرة ١٩٥٥م

<<  <   >  >>