للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٢٨ - بنو الأحمر]

يقصد بهم الأسرة التى حكمت مملكة غرناطة Granada آخر معاقل الإسلام فى الأندلس، ومؤسس الدولة هو محمد بن يوسف بن نصر، الذى ينتهى نسبه إلى الصحابى سعد بن عبادة الخزرجى رضى الله عنه، ولد سنة٥٩٥هـ-١١٩٨م، وكان قائدا شجاعا عاش فترة سقوط الحواضر الأندلسية الكبرى بعد هزيمة المسلمين فى معركة العقاب ٦٠٩هـ-١٢١٢م ونشوب الفتن بين زعمائهم، فاضطر لمصانعة ملك قشتالة فرناندو الثالث والاعتراف بتبعيته له ٦٤٣هـ-١٢٤٥م، ولكنه كان يعتزم لم شتات ما بقى من الأندلس، فلجأ لغرناطة وحاضرتيها مالقة وألمرية، واستقر ملكه بهذه الرقعة الجبلية التى تبلغ مساحتها عشرشبه الجزيرة.

واستطاع توطيد سلطته والتقوِّى بالمسلمين الهاربين من المدن التى استولى عليها النصارى. وتوفى فى ٦٧١هـ-١٢٧٢م، وخلفه ابنه محمد الفقيه الذى نظم دواوين الدولة وجباياتها وخلع عليها صفة الملوكية، واستمر حكمه حتى ٧٠١هـ-١٣٠٢م.

وتعاقب بعد ذلك الملوك من بنى الأحمر على مدى القرنين التاليين، وتراوحت علاقاتهم بجيرانهم من سلاطين بنى مرين بالمغرب وملوك قشتالة وأرغون النصرانيتين بين المواجهة والمحالفة، وبلغت دولتهم فى بعض العهود درجة عالية من القوة والازدهار كما قدر لها أيام محمد الغنى بالله بن يوسف ٧٥٥ - ٧٩٣هـ/١٣٥٤ - ١٣٩١م، على أن القرن التالى يشهد تدهور الأحوال بسبب نشوب الثورات وتزايد الحملات النصرانية والتنازع بين أفراد الأسرة الحاكمة. وخلال السنوات الثلاثين الأخيرة نشبت الحرب الأهلية بين السلطان أبى الحسن على بن سعد وأخيه محمد "الزَّغُلّ" ثم مع ابنه أبى عبد الله، ويأسر جيش قشتالة هذا الأخير ويرغمونه على تسليم غرناطة بعد سقوط معاقلها الكبرى فى سنة ٨٩٧هـ-١٤٩٢م.

وعلى الرغم من سوء الأحوال المتزايد فى غرناطة الإسلامية فقد كان شعبها من أنشط الشعوب فى استغلال مواردها المحدودة وأكثرها حرصا على الثقافة والفنون، يشهد بذلك قصر الحمراء الذى يعد درة فنية نادرة، ثم من نبغ فى غرناطة من كبار العلماء والأدباء، مثل الوزير الشاعر المؤرخ لسان الدين بن الخطيب ٧٧٦هـ-١٣٧٤م والشاعر ابن زمرك ٧٩٧هـ-١٣٩٥م وابن خاتمة ٧٧٠هـ-١٣٦٩م، والفقيهين القاضيين أبى الحسن النباهى ومحمد بن عاصم القيسى ٨٢٩هـ-١٤٢٦م، والنحوى المفسر أبى حيان نزيل مصر ٧٤٥هـ-١٣٤٤م.

أ. د/محمود على مكى


مراجع الاستزادة:
١ - نفح الطيب، تحقيق إحسان عباس، بيروت ١٩٩٨م.
٢ - الإحاطة فى أخبار غرناطة لابن الخطيب ط الخانجى.
٣ - المغرب فى حلى المغرب ط دار المعارف.
٤ - نهاية الأندلس لمحمد عبد الله عنان، القاهرة ١٩٦٦م

<<  <   >  >>