للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأنها وعل ينحط من شاهق، أو عرباض سابق يحثه سائق، أو عقرب شائلة، أو عقاب صائلة. أوغراب أعصم، أو تمساح أو أرقم، أو ظليم ثفر في الظلام، أو جواد فر مستنكفاً من صحبة الأنام. حاكمها عادل في حكمه، عارف بنقض أمرها وبرمه، يهتدي بالنجوم، ويبتدئ باسم الحي القيوم، يبرز من نواتيها في جنود، يشمل إحسانهم أهلها أيقاظاً وهم رقود. يتأنفون فيما يعمرون، ويفعلون ما يؤمرون:

يكثرون الصياح حتى كأن الس ... فن تجري من خوف ذاك الصياح

فبينما نحن من البحر في قاموسه، كتب الجو حروف الغيم في طروسه، وثارت ريح عاصف، يتبعها رعد قاصف. فمالت بنا الفلك واضطربت، ودنت شفتها من رشف الماء واقتربت، واستمرت ترفع وتخفض، وتقرب وترفض، وتعلو على الأوتاد، وتهيم في كل واد، وتحوم وتحول، وتجود وتجول، وتضرم في الكبود نار ناجر، إلى أن بلغت القلوب الحناجر:

ألا فارجه واخشه إنه ... هو البحر فيه الغنى والغرق

ثم نظر إلينا من لا تخفى عليه السرائر، وأمر الجارية بحمل العبيد إلى بعض الجزائر، فلم ندر إلا

<<  <   >  >>