للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين) (٢٤)

المفردات:

- أساطير: أباطيل، ومفردها: أسطورة.

- الأولين: السابقين.

المعنى الإجمالي:

بعد أن هددت الآية السابقة الكفار على إنكارهم التوحيد وعلى استكبارهم على دين الله، تفصل هذه الآية مشهدا من مشاهد إنكارهم واستكبارهم.

وهذا المشهد هو سؤال موجه إلى الكفار من المسلمين أو بعض من يقدم عليهم إلى مكة عن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، فيرد الكفار بأنه أباطيل السابقين (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) (الفرقان: ٥).

المعنى التفصيلي:

- التعبير بـ (إذا) في قوله تعالى (وإذا قيل لهم) يدل على تكرار وقوع هذا الحدث، وليس هو حادثة ما وقعت فسجلها القرآن، ولو كان التعبير بـ " إن " لدل على ندرة الوقوع أو قلته.

- الآية تتحدث عن رد المنكرين المستكبرين، فأين يظهر إنكارهم وأين يظهر استكبارهم؟

يظهر إنكارهم بقولهم: أساطير الأولين، أي أن القرآن هو الأباطيل والخرافات المنقولة عن الأمم السابقة.

ويظهر استكبارهم بعلمهم أن هذا القرآن هو كلام الله؛ لأنه معجزة، ويدرك الكفار بعلمهم في اللغة أنه ليس من عند البشر، ويدرك الكفار بما حواه القرآن من خير و تشريع حكيم أنه ليس بالخرافات والأباطيل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم غير العربية ولم يتعلم عند أحد خارج مكة، ورغم كل هذه الدلائل وغيرها مما لا يتسع المجال لبسطها كفر أهل مكة، فكفرهم هذا هو عين الاستكبار.

- التعبير (ربكم) له دلالة على رعاية الله لعباده، لأن الرب هو الخالق الرازق المحيي المميت الراعي لعباده، فناسب هذا المعنى مقام إنزال الوحي؛ لأن في إنزال الوحي معاني العناية والرعاية.

- وجاء التعبير (ربكم) وليس: " ربنا " من باب تذكير المسؤول بأن له ربا، وإضافته إلى المخاطب - في هذا السياق - هو من باب الوعظ.

- لم يقل الكفار في جواب (ماذا أنزل ربكم) إنه لم ينزل شيئا؛ لأن السؤال الذي سيتجه إليهم، وماذا عن القرآن الذي يقرأه محمد؟ ومن أين جاء به؟

ولكنهم طعنوا في ذات المسؤول عنه بغض النظر عن مناقشة المصدر، فقالوا هو الأباطيل المنقولة عن الأمم السابقة؛ لأن الطعن في ذات المحتوى هو إنكار لإنزال الله شيئا، وهو طعن في محتوى القرآن الذي يقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أباطيل، وبما أنه أباطيل فلا يسأل عن صدقه ومن أين جاء.

- جاءت كلمة (أساطير) مرفوعة، لأن التقدير: "هو أساطير الأولين " فأساطير خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، ولا يتم التقدير بـ " أنزل " لأن هذا يلزم منه نصب كلمة " أساطير "

فالكفار لم يعترفوا أن القرآن منزل؛ لأنهم لم يقولوا " أنزل أساطير الأولين " لأنه كيف يجمع بين أنه منزل من الله سبحانه وتعالى وأنه أباطيل الأولين، فالأمران متناقضان، ولذا طعنوا في القرآن دون أن يذكروا المصدر أنه من الله سبحانه وتعالى.

- لم ينكر الكفار أن لهم ربا؛ لأنهم كانوا يؤمنون أن الله هو الخالق، ولكنهم لم يكونوا يفردونه بالعبادة، حيث كانوا يعبدون معه الأصنام (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون) (الزخرف: ٨٧).

<<  <   >  >>