للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين) (٤٦)

المفردات:

- تقلبهم: حركتهم وتصرفهم في معيشتهم الدنيا.

- معجزين: فائتين من عذاب الله، ومعجز: اسم فاعل من أعجز، وأعجز غيره جعله عاجزا.

المعنى الإجمالي:

وتتابع هذه الآية سلسلة تهديد الكفار، حيث تنكر عليهم أن يأمنوا أن يأخذهم الله بالعذاب وهم يعملون وينتجون في كمال يقظتهم وانتباههم واجتماعهم.

ورغم كل هذه اليقظة والحركة والقوة والاجتماع، فإن الكفار لن يفلتوا من عذاب الله سبحانه وتعالى.

المعنى التفصيلي:

- (يأخذهم) أي بالعذاب، وجاء التعبير عن الإهلاك بالأخذ؛ ليدل على أن هذا الإهلاك شامل لهم، ومتمكن منهم، فلن يفلت منهم أحد.

نقول - ولله المثل الأعلى -: أخذت الشيء إذ حزته ولم يفلت منه شيء، وأخذ الكفار بالعذاب معناه: إحاطة العذاب بهم وتمكنه منهم، وعدم إفلاتهم منه.

وانظر في قوله تعالى كيف عبر به عن الإهلاك بالأخذ: (فأخذهم أخذة رابية) (الحاقة: ١٠) (أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) (الأنعام: ٤٤).

وانظر في قوله صلى الله عليه وسلم:

(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) (هود:١٠٢) (صحيح البخاري ج٤/ص١٧٢٦)

فانظر كيف فسر النبي صلى الله عليه وسلم الأخذ بشدة العذاب وتمكنه من الكفار، وعدم إفلاتهم منه.

- (في تقلبهم) التقلب هو الانصراف والحركة؛ ولذا سمي القلب قلبا لكثرة تقلبه، أي حركته.

والمقصود بالتقلب في هذه الآية هو: حركة الكفار في الدنيا من تجارة وسفر وعمل وغير ذلك.

وتخصيص التقلب بالذكر؛ لأنه مظهر من مظاهر القوة والانتباه.

- (فما هم بمعجزين) فهم برغم هذا التقلب والانتباه والقوة، فلن يعجزوا الله، بل سيحيط بهم العذاب.

والجملة مأكدة بالباء الواقعة في خبر "ما" المشبهة بـ "ليس"، أي: لم يأت النص "معجزين" بل (بمعجزين).

<<  <   >  >>