للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمسجد الجامع فدخله وصلى ركعتين، واجتمع الناس والشيوخ وجلس، وقرئ عهده الذي كتب له الخليفة، جعل يبكي بكاء شديدا حتى غلبه، فبكى الشيوخ الذين قربوا منه، فلما فرغ من قراءة العهد جعل المشايخ يدعون له، ويقولون له: ما ببلدنا أحد إلا وهو يحب أبا عبد الله ويميل إليك، فقال لهم: تدرون ما الذي أبكاني؟ ذكرت أبي أن يراني في مثل هذه الحال، وكان عليه السواد، قال: كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد أو رجل متقشف لأنظر إليه يحب أن أكون مثله، أفتراني مثله، ولكن الله يعلم ما دخلت في هذا الأمر إلا لدين قد غلبني وكثرة عيال، أحمد الله، وكان صالح غير مرة إذا انصرف من مجلس الحكم يترك سواده، ويقول لي: تراني أموت وأنا على هذا.

أخبرنا علي بن أبي علي قال: أنشدنا محمد بن العباس الخزاز قال: أنشد أبو القاسم التوزي أبي وأنا أسمع للعباس الخياط في صالح بن أحمد بن حنبل [من السريع]:

جاد بدينارين لي صالح أصلحه الله وأخزاهما فواحد تحمله ذرة ويلعب الريح بأقواهما بل لو وزنا لك ظليهما ثم عمدنا فوزناهما لكان لا كانا ولا أفلحا عليهما يرجح ظلاهما قلت: قد اعتدى هذا القائل في قوله وما ذكر به صالحا؛ لأنه كان من السماحة على خلاف ما ذكره، حدثت عن عبد العزيز بن جعفر، قال: حدثنا أبو بكر الخلال قال: كان صالح بن أحمد بن حنبل سخيا جدا.

أخبرني الحسن بن علي الفقيه بالمصيصة قال: كان صالح قد افتصد فدعا إخوانه، قال: وأنفق في ذلك اليوم نحوا من عشرين دينارا في طيب وغيره، وأحسب قال: كان في الدعوة ابن أبي مريم وذكر عدة، قال: فإذا أبو عبد الله قد دق الباب قال: فقال له ابن أبي مريم: أسبل علينا الستر لا نفتضح، ولا يشم أبو عبد الله رائحة الطيب، قال: فدخل أبو عبد الله فقعد في الدار وسأله عن أحواله وقال له: خذ هذه الدرهمين فأنفقها اليوم، وقام فخرج، فقال ابن أبي مريم لصالح: فعل الله بك وفعل لم أردت أن تأخذ الدرهمين منه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>