للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ما مدحنا من لم يشتم الزبرقان؛ ولم يقصروا في كرمته.

فلما أكثروا عليه قال يمدحهم، ويعرض بهجو الزبرقان وقومه؛ والقصيدة:

ألا أبلغ بني كعبٍ رسولاً ... فهل قومٌ على خلقٍ سواءُ

وأما أولها عندي فعلى غير هذا.

قال أصحابنا: فلما قدم الزبرقان على أهله سأل عن الحطيئة، فقالوا: تحول إلى بغيض، فأتاهم، فقال: ضيفي، وأنا أرسلته إلى امرأتي، ولكن كان منها الجهل. فقالوا: ما هو لك بضيف، وقد أهنته وطردته، فتلاحوا حتى كان بينهم تناصٍ وشجاج - تناصٍ: أخذٌ بالنواصي - فاستعدى عليهم الزبرقان عمر بن الخطاب رحمة الله عليه. فقال: ليذهب إلى أي الحيينِ أحب؛ فإنه مالكٌ لنفسه.

فلما رأى الزبرقان أنه اختار عليه أرسل إلى رجلٍ من النمر بن قاسط، يقال له دثار بن سنان؛ فهجا بغيضاً وبني قريع؛ فقال:

أرى إبلي بجوف الماءِ حنتْ ... وأعوزها به الماءُ الرواءُ

الماء الرواءُ: الكثير: قال الراجز:

يا إبلي ما ذامُه فتأبيه ... ماءٌ رواءٌ ونصيٌّ حوليهْ

وقد وردتْ مياه بني قريعٍ ... فما وصلوا القرابة مذْ أساءوا

تحلأُ يومَ وردِ الناسِ إبْلِي ... وتصدرُ وهي محنقةٌ ظماءُ

ألمْ أكُ جاهَ شماسِ بن لأيٍ ... فأسلمَ حين أنْ نزلَ البلاءُ

فقلتُ تحولي يا أمَّ بكر ... إلى حيثُ المكارمُ والعلاءُ

وجدنا بيتَ بهدلة بنِ عوفٍ ... تعالى سمكهُ ودَجَا الفناءُ

دَجَا: من قولهم: عيش داج إذا كان خافضاً ساكناً. والفناء: ما امتد مع الدار من جوانبها.

وما أضحى لشماسِ بنِ لأي ... قديم في الفعال ولا رباءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>