للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شك أن هذا المفهوم مرتبط بفكرة الخطيئة الأولى، واعتبار أن العلاقة الجنسية شر في ذاتها ولذاتها. وإن الجسد كله عورة بكل رغائبه وطلبه للطيبات من الدنيا، فهذا الترهب، مع النسك، والصيام المسيحي العزوف عن أطايب الادام، أدلة على الضيق بالبدن، وازدرائه، وصحبته على مضاضة، والنظر الى مطالبه، والى زينة الدنيا جملة نظرة عداء وخصومة.

البدن شر لا بد منه، وكذلك الزواج. والخير كل الخير في محاربتها وعدم الانسياق لهما والاخلاد اليهما.

حياة لا طمأنينة فيها ولا قرار. وإنما هو الصراع المستعر، والقلق المستمر، الذي تفسد به الدنيا، وتعيا به النفس. وقد كشف لنا علم النفس الحديث عن العلل والآفات المخربة التي تسمم ينابيع الحياة بسبب الشعور بالتأثم من الجسم وغرائزه النوعية.

وما حال إنسان يمارس الحياة حزيناً من كل نبضة سرور بها وكل خلجة استمتاع فيها وكل انتفاضة طبيعية اليها؟

إن الإسلام لا يقاوم الحياة، بل يقر الفطرة البشرية على تقديسها، وهيانة ينابيعها من الاكدار. ولا يفصل بين حياة الروح وحياة الجسد حيث لا انفصال لهما في واقع الجبلة التي جبلها خالقها الحكيم الخبير.

إن القرآن يكرر فضل الخالق وحكمته السامية في ابداع الجنسين وكيف ان هذه سنة الله في خلقه كافة في جميع مراتب الحياة. والرسول يؤكد ان الزواج نصف الدين.

وأي تعبير أقرب الى فطرة الحياة، ويرفع عن تلك الصلة كل شبهة في خزي أو هبوط معيب، مما ورد في سورة البقرة، بذلك التعبير اللطيف الرقيق اللبق:

{هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.

أو كما ورد في سورة النساء في باب تعظيم ما يكون بالزواج من ميثاق وعقد وعهد له حرمة ترعى:

{ ... وقد أفضى بعضكم الى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ... }

<<  <   >  >>