للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضاً إمكان المصالحة بينهما قبل ايقاع الفرقة بينهما، ولذلك جاء بتشريع محكم لا يتطرق اليه الخلل لو نفذ بنصه وروحه، وتقيد الناس بأحكامه وتعاليمه.

[مبادئ عامة في الطلاق]

سلك الاسلام في معالجة الخلاف العائلي بين الزوجين الطرق التالية:

١ - دعا الزوجين الى أن يشعر بمسؤوليته نحو الآخر ونحو أولادهما أمام الله سبحانه وتعالى، فهو المطلع على حسن سلوكهما أو انحرافه، وقد جعل كلاً منهما راعياً ومسؤولاً، ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" إلى أن يقول: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته".

٢ - فإذا بدأ الخلاف بينهما أوصاهما بأن يتحمل كلّ أخلاق الآخر ويصبر على ما يكرهه منه، فالحياة لم تسو بين الناس في عقولهم وأخلاقهم وطباعهم، ولا بد من اغضاء الانسان عما لا يرضيه، وكثيراً ما يكون الخير فيما يكرهه الانسان ويتأذى به. وفي ذلك يقول الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} [النساء: ١٩].

٣ - فإذا لم يعد أحدهما يحتمل الآخر. ويصبر على الخلاف معه، واشتد الخلاف بينهما بحيث يخشى من الشقاق والافتراق، أوجب الاسلام أن يُحكّم أهلهما في هذا الخلاف، فيختار الزوج واحداً يمثله، وتختار الزوجة واحداً يمثلها ويجتمعان كمحكمة عائلية ينظران في أسباب الخلاف وعوامله، ويحاولان إصلاح الأمور بينهما بما يستطيعان، ولا ريب في أن كلاً من الزوج والزوجة إذا كان راغباً في انهاء الخلاف وعودة الوئام بينهما الى سابق عهده فان الحكمين سينجحان في مهمتهما، وهذا ما تحدث عنه القرآن الكريم بقوله: {وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما} [النساء: ٢٥].

٤ - فإذا لم ينفع التحكيم وأصر كل من الطرفين على موقفه، أجاز

<<  <   >  >>